عادي

خبراء: الإمارات شهدت حالة مطرية متطرفة لا يمكن ربطها بـ«الاستمطار»

18:13 مساء
قراءة 5 دقائق
الامطار في ابوظبي

أكد عدد من الأكاديميين والخبراء في التغير المناخي والطقس، أن الأمطار الشديدة وغير المسبوقة التي شهدتها دولة الإمارات يوم 16 إبريل الجاري هي جزء من التحولات المناخية الحادة والاستثنائية التي يشهدها العالم في ظل زيادة الانبعاثات الكربونية القياسية، مشددين على أن هذه الحالة المطرية المتطرفة لا يمكن ربطها علمياً بعمليات التلقيح الصناعي للغيوم (الاستمطار).

وكانت الإمارات قد شهدت هطل أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث في العديد من المناطق، وهي الأكبر منذ بدء تسجيل البيانات المناخية في عام 1949، حيث تم تسجيل أعلى كمية أمطار في منطقة «خطم الشكلة» بالعين، وبلغت 254.8 ملم وفقاً للمركز الوطني للأرصاد الجوية، الذي أعلن أن هذه الكمية هي الأعلى منذ 75 عاماً، مؤكداً أن هطل الأمطار بهذه الغزارة يمثل حدثاً استثنائياً يسهم في زيادة المتوسط السنوي للأمطار في الإمارات وكذلك في تعزيز مخزون المياه الجوفية بالدولة بشكل عام.

وقالت الدكتورة ديانا فرانسيس، رئيسة قسم البيئة والعلوم الجيوفيزيائية بجامعة خليفة، إن الأحوال الجوية القاسية التي شهدتها الإمارات الأسبوع الماضي هي حالة استثنائية من حيث شدتها وآثارها واسعة النطاق، مشيرة إلى أن كمية المطر التي سقطت لم يسبق لها مثيل وتعادل كمية الأمطار التي تشهدها الإمارات خلال عامين وتعادل أيضاً كمية الأمطار التي تهطل على لندن في 7 أشهر في المتوسط.

وأضافت أن عملية الاستمطار لم تسبب أو تسهم في هطول كمية الأمطار الاستثنائية التي شهدتها البلاد ويعود ذلك لثلاثة أسباب أولها: أن هذه الحالة الجوية أثرت في عدة دول بالمنطقة، وثانياً: أنه تم التوقع بهذه الحالة قبل خمسة أيام على الأقل، وثالثاً وأخيراً أنه عندما يُتوقَّع حدوث مثل هذه الظواهر الخطرة، لا يمكن إجراء عملية تلقيح للسحب لأنه يمثل خطورة كبيرة على الطيارين في ظل هذه الظروف الجوية.

وأوضحت الدكتورة ديانا فرانسيس، أن تلقيح السحب يعزز هطول الأمطار عن طريق مساعدة بخار الماء على عملية التكثف في وجود السحب ولا يمكنه بأي حال من الأحوال المساهمة في عملية خلق السحب أو تكوين بخار الماء نفسه، وتوقعت أن تصبح الظواهر الجوية القاسية أكثر تواتراً وكثافة بسبب الاحترار الجوي الذي يسمح للغلاف الجوي بالاحتفاظ بقدر أكبر من الرطوبة.

ويتفق الدكتور منصور المزروعي، خبير التغير المناخي في المملكة العربية السعودية، مع طرح الدكتورة فرانسيس، حيث يتوقع أن تشهد الدولة خلال نهاية الشهر الحالي ومطلع مايو القادم أمطاراً قد تكون غزيرة نتيجة ما تشهده دول العالم من تحولات مناخية عنيفة، كما أن هناك توقعات أن تشهد الدولة أمطاراً في الصيف، مؤكداً أن هذه التوقعات تأتي استناداً إلى التحليلات الجوية المعتمدة على نماذج عالية الدقة.

وأشاد ببرنامج الاستمطار الإماراتي ووصفه بالواعد والرائد في المنطقة، وقال: «البرنامج الإماراتي له خبرة طويلة في هذا المجال ونحتاجه وبشدة في المنطقة، داعياً إلى ضرورة تنفيذ استراتيجية وطنية للتكيف والصمود لمواجهة التحديات المناخية العنيفة، خصوصاً أن التوقعات التي جاءت بناء على تحليلات جوية وتم الاستناد إليها تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد هطل أمطار غزيرة ومتطرفة وستزيد نسبتها إلى 30%».

من جانبه، قال عمر الشوشان مختص سياسات المناخ ورئيس اتحاد الجمعيات البيئية بالأردن، إن التغيرات المناخية تؤثر بشكل متزايد في أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم، وأحداث الطقس المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات هي أبرز مظاهر هذا التأثير، مشيراً إلى أن التقييم السادس في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي الصادر عن منظمة الأرصاد العالمية يؤكد أن زيادة الانبعاثات الكربونية القياسية ستؤدي إلى مثل هذه الظروف المناخية الاستثنائية خاصة في ظل تغيير أنماط نزول المطر بحيث يصبح أكثر حدة وبكميات كبيرة في وقت قصير والاحتمالات واردة في زيادة تكرار هذه الأحداث خلال الأعوام المقبلة.

وأكد ضرورة الاستفادة من النموذج الإماراتي في التعامل الاستباقي مع هذه الظروف المناخية الاستثنائية من حيث الإنذار المبكر وقوة البنية التحتية والإدارة الرشيدة التي مكنتها من التعافي بوقت قياسي.

وحذر من أن يصبح الاستثناء هو النمط السائد في ظل تراخي الالتزام الدولي بوقف زيادة الانبعاثات الكربونية التي تعد المسبب الرئيسي في ظاهرة الاحتباس الحراري، داعياً رئاسة مؤتمر الأطراف للتغير المناخي الحالية المضي نحو حشد الجهود الدولية لتحييد العالم من مواجهة تداعيات التغير المناخي.

فيما يشير الدكتور عماد سعد خبير الاستدامة والتغير المناخي رئيس شبكة بيئة أبوظبي، إلى أن منخفض الهدير ليس حالة استثنائية بصفته أحد مخرجات التغير المناخي، إنما هو استثناء من حيث كمية الهطل المطري التي نزلت في يوم واحد على دولة الإمارات أو دول المنطقة.

ويرى أن المنخفض له أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة، من الأسباب المباشرة وجود كتل هوائية رطبة وصلت من المحيط الهندي بالتزامن مع منخفض جوي وارتفاع في حرارة الأرض، أما السبب غير المباشر، فهو التغيرات المناخية في العالم والذي يشهد أكثر من عقدين تغيراً سريعاً في خريطة الهطل المطري حول العالم.

وأشاد الخبير عماد سعد بكفاءة شبكات الصرف الصحي بالدولة، حيث استوعبت كمية المطر الهائلة في أقل من 24 ساعة، وهذا بسبب تخطيط المدن الذي أخذ بعين الاعتبار استشراف التحديات المناخية وفق خرائط النمذجة الرياضية باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وأوضح أن مسار منخفض الهدير بات معروفاً للجميع من خلال الأقمار الصناعية التي رصدت ونشرت مسار هذا المنخفض وغيره من الأعاصير والفيضانات عبر العالم، مشدداً في ختام حديثه على أن التغيرات المناخية طالت وسوف تطال كل دول العالم بدون استثناء، ولا توجد دولة بمنأى عن الآثار السلبية للتغير المناخي.

بدوره أوضح حسن عبدالله المدير التنفيذي لمركز وسم للأرصاد الجوية الإقليمية بالأردن، أن الحالة الجوية التي شهدتها الإمارات ناتجة عن منخفض جوي عميق ونادر كان يتمركز جنوب غربي الإمارات ودفع كميات كبيرة جداً من الرطوبة من بحر العرب وتزامن مع اندفاع كتلة باردة في مختلف طبقات الجو من جنوب أوروبا نحو الإمارات، مشيراً إلى أن حركة المنخفض الجوي كانت بطيئة لأسباب تتعلق بسلوك غير اعتيادي للغلاف الجوي، ما أتاح تشكل عدة موجات ممطرة غزيرة جداً نحو الإمارات.

وشدد على أنه لا علاقة لبرنامج تلقيح الغيوم بزيادة قوة الحالة الجوية، وقال إن ذرات الغبار المندفعة من الربع الخالي وكمياتها الكبيرة ساهمت في تلقيح طبيعي للغيوم الركامية وزيادة قوتها وسماكتها ومعدلات غزارة الأمطار، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية بمنطقة الجزيرة العربية ومناطق واسعة من الشرق الأوسط بدأت بالفعل تظهر بوضوح خاصة منذ 10 سنوات على شكل معدلات أمطار كبيرة وزيادة في مستوياتها، وارتفاع واضح في درجات الحرارة.

(وام)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yz947jv5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"