عادي

الإجهاد الحراري.. المواجهة تبدأ بـ«التبريد الطبيعي»

23:12 مساء
قراءة 5 دقائق
الإجهاد الحراري.. المواجهة تبدأ بـ«التبريد الطبيعي»

تحقيق: راندا جرجس

يمثل «الإنهاك الحراري» أو الاجهاد الحراري مرحلة متوسطة بين التشنجات الحرارية وضربة الشمس، ويُصنف من الإصابات الخطيرة والحالات المرضية الشائعة التي يُصاب بها الأشخاص الذين يتعرضون لفترات طويلة لأشعة الشمس شديدة الحرارة في موسم الصيف، وهو استجابة الجسم للفقدان الزائد للماء والأملاح، ويحدث عادة نتيجة التعرق الشديد وتشتمل الأعراض الأولية التعرق الغزير والنبض السريع، ولذلك تحتاج إلى التدخل الفوري بالإسعافات الأولية، حتى لا تُشكل تهديداً على حياة المصاب، وتضر بالأجهزة الحيوية والأعضاء، وفى السطور القادمة يحدثنا الخبراء والاختصاصيين عن هذا الموضوع وطرق العلاج والوقاية.

تقول د.ريم جاد الله، استشارية طب الأطفال، إن الأسباب الرئيسية للإنهاك الحراري عند الصغار تتمثل في التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة لفترات طويلة، وخاصة أن أجسامهم تولد حرارة أكثر أثناء ممارسة النشاط البدني ويكافحون من أجل تنظيم درجة حرارة أجسامهم، ويزيد عدم الحصول على الترطيب الكافي الأمر سوءاً.

1
ريم جاد الله

وتضيف: تشمل الأعراض الرئيسية للإنهاك الحراري عند الأطفال، التعرق الشديد، التنفس السريع، الغثيان، الدوخة، الصداع، وتشنجات العضلات، وربما يشعر البعض منهم بالتعب أو الضعف أو الارتباك، وقد تبدو بشرتهم شاحبة وباردة ورطبة، ويمكن أن يعاني المريض بعض المضاعفات بسبب عدم التدخل بشكل فوري، وربما تتطور إلى حالة أكثر حدة كضربة الشمس، ما يؤدي إلى تلف الأعضاء والدماغ وحتى الموت، أما المخاطر المحتملة الأخرى فتتمثل في الجفاف وتلف العضلات وعدم توازن الكهارل.

توضح د.ريم جاد الله، أن تشخيص الإنهاك الحراري عند الصغار يتم عادة بناء على الأعراض والفحص السريري والتاريخ الطبي، والاستفسارات من الطبيب عن أنشطة الطفل الأخيرة، والوقت الذي قضاه تحت أشعة الشمس، والحالات الطبية الأخرى التي قد يعانيها، كما يتم قياس درجة حرارة الجسم، والتحقق من معدل ضربات القلب، والبحث عن علامات الجفاف.

تؤكد د. ريم جاد الله أن علاج الإنهاك الحراري عند الأطفال يعتمد بشكل أساسي على تبريد الجسم واستبدال السوائل والكهارل، ونقل المصاب إلى منطقة مظللة، وإزالة أي ملابس زائدة، وإعطائه ماء فاتر للشرب، وتتطلب الحالات الأكثر شدة التدخل الطبي العاجل بالسوائل الوريدية.

وتنصح الوالدين بتشجيع الأطفال على شرب الكثير من الماء قبل وأثناء وبعد النشاط البدني تحت أشعة الشمس، والحد من الأنشطة الخارجية خلال الأوقات الأكثر حرارة في اليوم بين الساعة 10:00 صباحاً إلى 4:00 مساء، والحرص على ارتداء الملابس خفيفة الوزن وذات الألوان الفاتحة، والتنبيه على ضرورة أخذ فترات راحة متكررة في الأماكن المظللة، وعدم تركهم من دون مراقبة في السيارة.

  • إصابة البالغين

يذكر د.علاء الدين زيدان، أخصائي الأمراض الباطنية، أن حالات الإنهاك الحراري لدى البالغين تنجم عن عدة عوامل، ومنها: التعرض لفترات طويلة لأشعة الشمس الضارة في فصل الصيف، أو البقاء أثناء العمل أو ممارسة الرياضة في أماكن مغلقة وحارة ورطبة وخالية من التهوية غير الكافية، ونقص السوائل في الجسم وعدم شرب كميات كافية من الماء، ما يؤدي إلى الجفاف، بالإضافة إلى ارتداء ملابس ثقيلة تزيد من احتباس الحرارة، والتعرق الشديد وعدم قدرة الجسم تبريد نفسه، الشعور العام بالتعب والإنهاك والضعف الجسدي، الدوخة أو الإغماء الناجمة عن انخفاض ضغط الدم، اضطرابات في الجهاز الهضمي وغثيان وقيء، آلام وصداع مستمر في الرأس، تشنجات في العضلات وخصوصاً الأطراف نتيجة فقدان الأملاح، وتسارع ضربات القلب مع شعور بالضعف.

1
علاء الدين زيدان

وبين د.زيدان أن الإنهاك الحراري من الحالات الطبية الطارئة، التي تستهدف على الأكثر المتقدمين في العمر، مرضى ارتفاع ضغط الدم، العاملين في المهن التي تتطلب التواجد لفترات طويلة في الطقس الحار، والمصابين بالأمراض الإنتانية، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحالة تتفاقم سريعاً إذا لم يتم التعامل مع أعراضها وأسبابها وتطبيق خطوات الوقاية منها بشكل صحيح، ولذلك فإن الحفاظ على الترطيب المناسب والحد من التعرض المفرط للحرارة هما المفتاحان الأساسيان لتجنب الإصابة بهذه المشكلة المرضية.

  • مضاعفات وعلاجات

تشير د.صفاء بازهري، أخصائية الطب الباطني، إلى أن عدم التعامل مع الإنهاك الحراري، يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات شديدة، ومن أبرزها:

1
صفاء بازهري
  • ضربة الشمس التي تحدث عندما يفشل نظام تنظيم درجة حرارة الجسم، وتُعد من أشد أشكال مخاطر الحرارة، وتسبب ضرراً للدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى ويمكن أن تهدد الحياة.
  • انحلال الربيدات التي تتضمن انهيار الأنسجة العضلية، ما يؤدي إلى إطلاق محتويات الألياف العضلية في الدم، وتسبب تلف الكلى الحاد.
  • الجفاف الشديد الذي ينجم عن التعرض للحرارة لفترة طويلة، ويتسبب في حدوث مضاعفات أخرى مثل الفشل الكلوي والصدمة.
  • اختلال توازن الإلكتروليتات الذي ينجم عن التعرق الزائد، ويؤدي إلى الإصابة بالتشنجات والدوخة ومضاعفات أكثر خطورة مثل النوبات.
  • يؤدي ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى تلف الخلايا وتفاقم الحالات الطبية الأساسية، وخاصة اضطرابات القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.

تلفت د.صفاء بازهري إلى أن هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تزيد من فرص الإصابة بالإنهاك الحراري، ومنها، التواجد لفترات طويلة في البيئات الحارة والرطبة، ما يتسبب في ضعف قدرة الجسم على تبريد نفسه، وممارسة النشاط البدني والتمارين الشاقة أو العمل البدني الثقيل في الطقس الحار، عدم الحصول على الترطيب اللازم وشرب كمية مناسبة من السوائل، ما يمنع الجسم من التعرق بدرجة كافية ليبرد، ويؤدي ارتداء الملابس الثقيلة أو الضيقة أو غير القابلة للتنفس إلى حبس الحرارة ويمنع التبريد.

وتضيف: يُعد كبار السن والأطفال الصغار هم الأكثر عرضة للإصابة بسبب آليات تنظيم الحرارة الأقل كفاءة في أجسامهم، وكذلك أصحاب الحالات الطبية والمزمنة، كأمراض القلب والسكري، وزيادة الوزن المفرطة واضطرابات الجهاز التنفسي، والذين يتناولون أنواعاً من الأدوية، مثل: مدرات البول ومضادات الهيستامين وحاصرات بيتا، كما يؤدي استهلاك الكحول واستخدام العقاقير الترويحية إلى إضعاف القدرة على الحكم ووظائف التنظيم الحراري للجسم.

وتؤكد د.صفاء بازهري ضرورة طلب العناية الطبية والتدخل العاجل عند تفاقم أعراض الإنهاك الحراري خلال وقت قصير من الإصابة، حيث إنها تُعد دلالة على تطور المشكلة إلى ضربة الشمس، ويتضمن العلاج الفوري والإسعافات الأولية للمصابين، نقل المصاب إلى مكان أكثر برودة، ويفضل بيئة مكيفة، أو على الأقل منطقة مظللة لتبريد الجسم، وشرب الماء البارد لتعويض الشوارد المفقودة والترطيب، وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين والكحول، استلقاء المصاب، ورفع الساقين قليلاً للحصول على الراحة اللازمة وتحسين الدورة الدموية، كما يساهم وضع قطعة قماش باردة ومبللة على الجلد أو الاستحمام بماء بارد في خفض درجة حرارة الجسم، وتخفيف وإزالة الملابس غير الضرورية أو الثقيلة أو الضيقة، وفك الأزرار للسماح بتدوير الهواء والتبريد بشكل أفضل.

  • خمسة تدابير تمنع الإصابة

1- التخطيط المُسبق للخروج من المنزل أو القيام بالأنشطة في الأماكن المفتوحة، ويُنصح بالابتعاد عن أوقات الذروة، وحرارة الشمس المرتفعة، بين الساعة العاشرة صباحاً، والرابعة عصراً، وعلى أن تكون في الصباح الباكر، أو خلال ساعات المساء.

2- شرب الماء والسوائل طوال اليوم، لترطيب الجسم، وتضمين المشروبات والعصائر الطبيعية للأشخاص الذين يمارسون أنشطة بدنية، وتدريبات رياضية.

3- ارتداء الملابس خفيفة الوزن، والفضفاضةن وذات الألوان الفاتحة، واستخدام القبعات، والنظارات الشمسية لحماية إضافية.

4- استخدم المراوح، أو مكيفات الهواء لتبريد البيئات الداخلية، ويُفضل البقاء أثناء الخروج في الأماكن العامة، مثل: مراكز التسوق أو المكتبات.

5- تجنب تناول المشروبات التي تحتوي على الكحول والكافيين، لكونها تدرّ البول وبالتالي تتسبب بجفاف الجسم، وإضعاف قدرته على تنظيم درجة الحرارة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4r3489xf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"