فرنسا تنتخب مستقبلها

00:34 صباحا
قراءة 3 دقائق
افتتاحية الخليج

لم تكن نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي جرت، أمس الأول، مفاجِئة،لأن كل المؤشرات التي سبقت هذه الانتخابات كانت تشير إلى أن اليمين المتطرف سوف يحقق انتصاراً غير مسبوق، هو الأول، منذ الحرب العالمية الثانية، وأنه يقترب من تولي السلطة في البلاد، في ضوء ما حققه من نتائج في انتخابات البرلمان الأوروبي، في التاسع من يونيو/ حزيران الماضي.

تصدّر «التجمع الوطني» اليميني، بزعامة ماريان لوبان، نتائج الانتخابات حاصداً 33.1 في المئة من الأصوات، متقدماً على تحالف اليسار (الجبهة الشعبية) الذي حصل على 28.10 في المئة، وكذلك على معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي حصل على 20.70 في المئة.

هذه النتيجة تعتبر تاريخية بالنسبة إلى اليمين الفرنسي، خصوصاً إذا ما عزز انتصاره بالحصول على مزيد من الأصوات في الجولة الثانية التي تجرى، يوم الأحد المقبل، حيث يتم تحديد عدد المقاعد والفائزين بالنسبة إلى كل حزب، لملء عدد مقاعد الجمعية الوطنية ال522، لكن في كل الأحوال تؤهل النسبة التي حصل عليها «التجمع الوطني» كي يحل في المقدمة خلال تشكيل الحكومة الجديدة، بمعنى أن رئيس الحكومة المقبل سوف يكون حكماً رئيس التجمع، جوران بارديلا (28 عاماً) الذي أعلن أنه سيكون رئيساً «لجميع الفرنسيين»، ووصف هذه الانتخابات بأنها «الأكثر أهمية في فرنسا منذ 60 عاماً»، فيما قالت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، إن «معسكر ماكرون تم محوه عملياً»، وأشارت إلى أن الفرنسيين أظهروا إرادتهم لطيّ صفحة سبعة أعوام من حكم الازدراء والتآكل، للرئيس ماكرون.

لقد شهدت الانتخابات مشاركة استثنائية تجاوزت ال65 في المئة، وهي نسبة مرتفعة تدل على أن الفرنسيين يرغبون في التغيير، لذلك تحاول كل الأحزاب والقوى المناوئة لليمين رصّ صفوفها للحؤول دون حصول «التجمع الوطني» على الأغلبية المطلقة، فالرئيس ماكرون دعا «إلى تحالف واسع يكون بوضوح ديمقراطياً وجمهورياً، بالدرجة الأولى»، وأشاد بالمشاركة الشعبية الواسعة التي «تظهر أهمية هذا الاقتراع بالنسبة إلى جميع مواطنينا»، مضيفاً أن «خيارهم الديمقراطي يلزمنا». ودعا الرئيس السابق فرانسوا هولاند، جميع الجمهوريين، وليس اليسار فقط، إلى «عرقلة التجمع الوطني»، لكن حزب الجمهوريين المحافظ الذي حصل على نحو عشرة في المئة من الأصوات، رفض دعوة ناخبيه للتصويت ضد التجمع، وترك لهم حرية الاختيار، فيما أشار زعيم «حزب فرنسا الأبية» الذي يقود «الجبهة الشعبية»، جان لوك ميلانشون، إلى أن مرشحي اليسار الذي احتلوا المركز الثالث سوف ينسحبون في الدورة الثانية لمصلحة الأوفر حظاً من غير اليمين، وقال النائب الأوروبي عن اليسار، رافائيل غلوكسمان «أمامنا سبعة أيام لتجنيب فرنسا الكارثة».

إذن، هي معركة مصير فرنسا، ومستقبلها. إنه الخوف من أن تسقط بيد اليمين المتطرف، وتفقد دورها الأوروبي، وتتخلى عن قيم الحرية والديمقراطية، وتدخل في المجهول، لذلك فإن الأيام القليلة المتبقية للوصول إلى الدورة الثانية حاسمة في تحديد المسار السياسي الذي ستكون عليه فرنسا.

هناك سيناريوهان، الأول: في حال حصول «التجمع الوطني» على الأكثرية المطلقة، فستكون هناك حكومة يمينية متطرفة، لأول مرة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، «تتعايش» مع الرئيس ماكرون للسنوات الثلاث المتبقية من حكمه، أي بين رئيس يحمل مشروعاً أوروبياً، وحكومة معادية للاتحاد الأوروبي، والمهاجرين، أما السيناريو الثاني فهو جمعية وطنية متعثرة من دون إمكانية لنسج تحالفات في ظل الاستقطاب السياسي الكبير بين القوى السياسية، ما يجعل من الحكم «بطة عرجاء».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2vwpy8kt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"