فعل وفاعل.. ومفعول به

02:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
ضياء الدين علي

** نحن لسنا أمام مجرد حالة متكررة تخص المنتخب.. إنها ظاهرة مزمنة تأخذ صوراً متنوعة من جيل إلى جيل، والذي أؤمن به حالياً ولأقصى درجة، أننا لم نقرر بعد أن نواجه تلك الظاهرة كما يجب أن تكون المواجهة، ففي كل مرة نفعل ما تعودنا عليه وليس ما يجب أن نفعله، ولذا لا عجب ولا غرابة إذا صادفنا الانتكاسات والإخفاقات نفسها من مرحلة إلى أخرى، كيف نتوقع في الطرف الثاني من المعادلة نتائج مغايرة، والمعطيات والمدخلات هي نفسها لم تتغير!؟
** وعفواً.. دعونا لا نلقي باللائمة على عنصر بعينه، كأن نقول إن العلة في اللاعبين أو المدرب أو الإدارة، فالعلة كما نشرنا في «آخر همسة» قبل أيام فيهم كلهم، واليوم دعوني أضيف أن العلة تشمل أيضاً كل الجهات المرجعية التي تعلو هذه العناصر في هرم المسؤولية الإدارية، فمن فوق لجنة المنتخبات هناك إدارة اتحاد الكرة، ومن فوق الاثنتين هناك الجمعية العمومية للاتحاد وإدارة اللجنة الأولمبية وإدارة الهيئة العامة للرياضة، فلو أن أي جهة واحدة من هذه الجهات استشعرت مسؤوليتها كما يجب لتحركت وضبطت المشهد بأكمله، لكنها جميعاً «في الهم شرق» كما يقال، وكلها في سبات عميق، فالمسألة كلها شعارات بدون تطبيق، وتنظير وتقعير بمصطلحات ومشروعات وهمية من مرحلة إلى أخرى، في مناخ الكل فيه متربص ببعضه ولا يريد نجاحه.
** من يقول إننا بعد 4 عقود من الزمان لم نعرف بعد كيف نوصل الأجيال ببعضها، فنحدث صفوف المنتخب من دون أن تحدث سقطة وانتكاسة كالتي بين أيدينا؟ أو أن يكون عندنا «سيستم» مستدام لإدارة اللعبة ومسابقاتها ومنتخباتها لا يتأثر بتغيير مجالس الإدارة؟
** كل الحانقين المملوئين بالغضب في منصات السوشيال ميديا لهم عذرهم، ومعهم كل الحق في سخطهم، لكن مشهدهم ضمن الأزمة الحالية بكل تفعيلاتها، لا ولن يختلف كثيراً عن كل ما تعودنا عليه في أزماتنا السابقة، بكل أسف، فبعد أيام سننسى ونتلهى بدورينا.. وسننشغل بمن فاز ومن خسر.. وب «الفار» والتحكيم.. وغيرها من «سفاسف» الأمور ومستحدثاتها في الكرة، إلى أن نفيق على سقطة جديدة كهذه، فأكتب الكلام نفسه الذي كتبته مرات من قبل!
** سأكتفي في هذه اللحظة باستعراض مثال واحد، فيه فعل وفاعل ومفعول به، لكنه يكشف هوان المنظومة الرياضية بالكامل: «الفعل» كان التجاوز «والفاعل» كان عموري وشاهين «والمفعول به» كان المنتخب الذي كان يستعد ل«خليجي 24»، وإليكم كيف تم التعامل معه، لتكتشفوا ما أعنيه بهوان وضعف المنظومة ككل:
1- الفعل.. كتجاوز رأيناه بأعيننا، وتألمنا جميعاً منه، وتناقلنا أخباره بسرعة البرق عبر السوشيال ميديا، لكنه لم يحرك ساكناً في لجنة المنتخبات، وإدارة الاتحاد، ولم تذهب المخالفة إلى لجنة الانضباط، بل لم تجد شخصاً واحداً مستعداً لإعلان ما حدث أو التعليق عليه من بعيد أو قريب، كأن عموري «أهم لاعب في البلد» سيغيب من دون أن يسأل عنه أحد!.. تعتيم بغير معنى، وتواطؤ إداري، وميوعة انضباطية، في لحظة مهمة وفارقة، وكل الجهات المعنية التي ذكرتها، لم تعتبر الموضوع يخصها، وعندما تطرقت له «من بعيد» وجدت التماساً بعدم الخوض فيه، وبصراحة لم أعرف أي حكمة في ذلك إلى الآن.
2- الفاعل.. سواء كان نجماً كبيراً أو لاعباً في أول الطريق، كلاهما هان عليه الأمر، لا الأول استشعر المسؤولية الكبيرة كقدوة ومثل، ولا الثاني قدر معنى الانضمام للمنتخب، وأرجو ألا يزج بالإجابة في نطاق الوطنية، لأنه لا مجال للمزايدة فيها من أحد على أحد، خذوها في إطار «الالتزام والانضباط» فقط حتى لا نضيع القضية، لاسيما أن كليهما «عاش حياته» عادياً جداً، هذا طلع سليما ولعب وشارك في اعتزال القحطاني، والثاني عاد لناديه كأن شيئاً لم يكن!
3- «المفعول به».. المنتخب من حفل به كما يجب في هذه المراحل من كل هذه العناصر؟.. الإجابة هي لا أحد بالمرة، ولكن شعار «المنتخب أولا» كان ومازال وسيظل مرفوعاً، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"