عادي
صيفنا قراءة

ناصر الزعابي: التنوع المعرفي يحرر الكاتب من النمطية

23:48 مساء
قراءة 4 دقائق
ناصر الزعابي

الشارقة: عثمان حسن
يقول الشاعر الإماراتي ناصر بكر الزعابي: «القراءة في الصيف لها طابع خاص ورونق مختلف عن بقية الفصول، حيث الأوقات الممتدة طوال النهار، وحيث الإصدارات الجديدة أيضاً، لكنني أحافظ على برنامجي في القراءة مع ميول للشعر والتاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع أكثر من أي لون أدبي وفكري آخر». ويؤكد الزعابي أنه يميل في قراءاته إلى التنوع المعرفي من ناحية الأجناس الأدبية والمؤلفين والمواضيع المختلفة، فهو يرى أنه من خلال المخزون المعرفي المتجدّد يستطيع الكاتب أن يقدّم ويطور منجزاته الإبداعية في المستقبل، وألا يبقى أسيراً للنمطية والتكرار واستسهال الطرح، من هنا، فقد اتسعت قراءات الزعابي لكتب النقد الأدبي، والدراسات والسرد، وكذلك أدب الرحلات الذي ازدهر كثيراً في العشرية الأخيرة من القرن الحالي.

نصائح

يعتقد بكر الزعابي أنه من الصعوبة بمكان أن يقوم بتقديم نصائح للقراء للاطلاع على كتب بعينها، فهناك عشرات بل مئات المؤلفات التي تستحق القراءة والاطلاع، وهو يقول: «إن جاز لي أن أنصح القارئ، فيمكن أن أشير إلى القارئ المهتم بالفلسفة بقراءة «سلسلة مشكلات فلسفية» للمفكر الراحل زكريا إبراهيم؛ حيث احتوت هذه السلسلة المكوّنة من ثمانية أجزاء على معلومات فكرية قيّمة حول الفلسفة والحياة بأسلوب عصري مبسّط بعيداً عن التعقيدات والإشارات المبهمة في جلّ الإصدارات الفلسفية الحديثة».

أما في مجال الرواية، فيفضل ناصر الزعابي اختيار الأعمال الكلاسيكية، مع محاولة استكشاف منجزات روائية إماراتية جديدة، مثل الروايات النفسية: «ليلة مجنونة جداً» لمحمد حمدان بن جرش، و«أنروكسيا - تحت جناح النسر» للطيفة الحاج، وهي رواية على تماس مع محكيات المرض والمعاناة الجسدية والنفسية، وهي كما كُتب عنها تعد شهادة على تجربة واقعية، وهي تُصوّر حالة موت مجازي تسكن باطن جسد سقيم وهو لا يزال حياً، وهذا ما تحاول الرواية أن تفعله منذ عتبة العنوان الأولى، ف«أنروكسيا» هو مرض فقدان الشهية العصابي واضطرابات الأكل الذي يصاب به بعض الأفراد من دون أن يدرك المحيطون بهم أسبابه، وهو المرض الذي شخصت به «سلامة» بطلة الرواية، والتي حلمت أن تكون عالمة بيولوجية كأستاذتها في الجامعة، هذا قبل أن يأخذ المرض منها حلمها، وتجد نفسها في مستشفى خاص بأمراض الأنروكسيا يحيط بها الممرضون والمعالجون من كل جهة، وهي لا تزال تصارع المرض مع أخريات مثلها.

في موضوع الشعر يفضل ناصر الزعابي أعمال الأديب سليم بركات، وهو الشاعر الذي ألّف روايات عديدة كذلك، كما ينصح بقراءة مؤلفات إدواردو غاليانو الشهيرة، خاصة المؤلفات السردية، وغاليانو معروف بسلسلة من الأعمال مثل «الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية»، و«كرة القدم بين الشمس والظل» و«أبناء الأيام» و«أفواه الزمن» و«ذاكرة النار» و«الأغنية التي لنا»، فكتاب «الشرايين المفتوحة» احتل موقعاً متقدماً في موقع أمازون للكتب، وسجّل الرقم 2 في قائمة الأكثر مبيعاً على مستوى أمريكا والمرتبة 11 على مستوى أوروبا، وقد مُنع حال صدوره في كافة أرجاء أمريكا اللاتينية، وكان مثارَ جدل لدى كافة الطبقات السياسية والشبابية. أما كتاب «أبناء الأيام» فيروي أحداثاً مفصلية في توثيق الذاكرة الكونية، يهدي غاليانو هذا الكتاب إلى شعب المايا الذي يؤمن بأن الزمن فضاء، بينما الأيام هي التي تصنع الأشخاص الذين يقتصر دورهم على توليد الحكايات، والكتاب بحكاياته أو لوحاته يسجّل مجموعة من الأحداث والأحاسيس والمشاعر، من خلال عدة أرقام نعرف بها تاريخ النزف الإنساني، حيث الإنسان هو الأساس في موضوع هذه اللوحات، فهو يقاوم الاحتضار ويعلن نفسه متحدياً كل الديكتاتوريات والإبادات الدينية والعرقية، ويرصد لنا غاليانو، من خلال هذه العدسة المقربة، هذا العالم الذي يتأرجح من عصر الكهوف إلى اليوم، كما لو أنك في شاشة عرض سينمائي، والزمن يمر بك مع هذا الأرشيف السري في محاولة لسرقة الذكريات.

طقوس

يميل ناصر الزعابي إلى اقتناص لحظات الصباح الباكر، ويعتبرها الأفضل لممارسة القراءة بشكل أعمق، وأكثر تأثيراً وحيوية من القراءة المسائية من واقع تجربة طويلة جداً، وفي أيام العطلة هناك متسع أكبر من الوقت لقراءة الكتب الكبيرة نسبياً، وهو يفضل قراءة الروايات أثناء رحلة سفر أو خلال رحلة إلى مدينة بعيدة نسبياً. أما القصص، فيفضل الزعابي أن ترافقه مدة زمنية طويلة، غير أن كتب الفكر تحتاج إلى تمعّن ومسودات وهوامش؛ لأنها غنية بالمعلومات والنظريات. أما المسرحيات، فيفضل قراءتها ليلاً؛ لأنها حافلة بالشخصيات والدلالات المدهشة. وبخصوص الكتابة، فطقوسها مختلفة كلياً بالنسبة لناصر الزعابي، فهو يقول: «هناك فارق بين كتابة قصيدة شعرية وبين مقال فلسفي أو قصة قصيرة، ولكل كتابة ظروفها ومعطياتها ودلالاتها وأسبابها، فمن الممكن أن ألجأ إلى الكتابة في الهواء الطلق رفقة الكائنات الحية والطبيعة بحثاً عن جملة هاربة، غير أنني في معظم كتاباتي ألتزم بالعادات التقليدية، في أحيان مع الحاسب الآلي، وفي أخرى مع الأوراق والأقلام، ويلعب التأمل دوراً مهماً في استكشاف الحياة من منظور مغاير».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mbz9cc5h

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"