القاهرة: «الخليج»
علم النفس الإيجابي هو في الأساس مجال توجّه بحثي، يضم ثروة هائلة من الدراسات، التي تسلط الضوء على مضامين تحقيق السعادة والرفاه وعوامل الإسهام فيها، بما في ذلك دور العلاقات، ومعناها والغاية منها، ويسعى هذا العلم إلى فهم العطف، الكرم، الفكاهة، التفاؤل، الشجاعة والأمل، وغيرها من السمات والخبرات والشروط الإيجابية، التي تلعب دوراً في رفاه الأفراد والمجتمعات والأمم، وتتعارض بعض نتائج هذه الدراسات مع المعتقدات الراسخة، ما من شأنه أن يجعل الناس سعداء، وهي المعلومات التي تضمنها هذا الكتاب، وعنوانه «كيف تحيا في رفاه»، لباميلا أ. هايس (ترجمته إلى العربية راقية جلال الدويك).
إذا كنت تنظر لعلم النفس الإيجابي، بوصفه إحدى عدستي نظارة ترتديها، لترى فرص القوة والإيجابية في ذاتك وفي الآخرين، فإن العلاج المعرفي السلوكي هو مجموعة الأدوات، التي تبنى بها هذه القوة في نفسك، وتنمي فرصك، وتؤثر تأثيراً إيجابياً في الآخرين، يستخدم المعالجون النفسيون هذه الأدوات منذ عقود عديدة، لمساعدة الناس في السيطرة على انفعالاتهم، وتغيير السلوك، وتخفيض الضغوط، وتحسين العلاقات، وتحقيق حالة صحية أفضل.
رتبت المؤلفة محتويات الكتاب وفقاً للخطوات الأساسية الأربع، التي تتخذها في عيادتها، الخطوة الأولى: اعتلاء طريق الرفاه وتعني بها فهم الذات، الثانية: فهم ضغوطك، الثالثة: استخدام الأفكار لتحسين الشعور، الرابعة: التحول إلى الإيجابية من خلال الفعل، والكتاب عبارة عن خبرة تفاعلية تتضمن جهداً وصبراً، تضم أنماط تفكيرك، معتقدات شديدة الرسوخ، تستغرق وقتاً طويلاً لتنميتها، ومن غير المتوقع على نحو كبير أن تنتقل على مدار ليلة من أقصى طرف أحد المشاعر السلبية إلى أقصى الطرف المقابل (مثل من الغضب الشديد للهدوء التام) فلكي تحصد أكبر المغانم، فعليك الالتزام بطريق رفاهك، وأن تكون صبوراً مع نفسك.
* اتجاه
يرى الكتاب أن المبدأ الأساسي للعلاج المعرفي السلوكي هو أن ما نعتقده يؤثر فيما نشعر به، والذي يؤثر بدوره فيما نفعله، وهو اتجاه عقلي جسدي يتضمن أيضاً استراتيجيات الإنصات لإشارات جسدك المتعلقة بما تحتاج إليه، واتخاذ الإجراء الفعلي لتغيير سلوكك أو وضعك بطرق تبني رفاهك الانفعالي والبدني والاجتماعي.
العلاج المعرفي السلوكي لا يتعلق فقط بالتفكير بصورة إيجابية وليس مسحة من التفاؤل غير المنطقي بالأفكار السعيدة، بدلاً من المشكلات، لكنه يدور حول التفكير بمزيد من الواقعية عن طريق البحث عن الاحتمالات الإيجابية في مواجهة المشكلات ومعرفتها، لأننا عندما نكون واقعين تحت الضغوط نميل للتغاضي عن الإيجابيات، ونركز على السلبيات، التي تؤدي فيما بعد إلى تفاقم المشكلة، وتزايد ضغوطنا فيها.
يركز العلاج المعرفي السلوكي على إحداث تغيير صحي مرغوب، حتى عندما يكون التغيير فقط في تفكير الشخص، لكن أحياناً يكون التغيير مستحيلاً، أو أن تحقيقه فائق الصعوبة، بما في ذلك تغيير تفكير الفرد، وعليك أن تتخيل أن الرفاه طريق، وهذا الكتاب صحبة داعمة في مسيرتك، إذا لم تجد لديك الحماس الكافي للسيطرة على القلق أو الاكتئاب أو الغضب أو الخوف أو الغيرة، أو غيرها من الانفعالات غير المرغوبة، أو تجد نفسك متورطاً في سلوكيات الدفاع المستمر عن النفس، فإن هذا الكتاب سيساعدك على خفض هذه الانفعالات غير المرغوبة، والتخلص من الضغوط كلما أمكن ذلك، والاندماج في أفكار وسلوكيات تعمل على بناء رفاهك الشخصي، وهذا الكتاب يمكن الاستعانة به بالتزامن مع العلاج النفسي، يمكن أن يجده الأطباء النفسيون مفيداً ومرشداً لهم في عملهم، وذلك على وجه الخصوص لأنه يقدم أسلوب الخطوة بخطوة في تنفيذ التدريبات.
* نصيحة
تقول المؤلفة: إذا كنت تعاني أعراضاً حادة تعطل وظائفك اليومية بصورة واضحة، فإنني أنصحك مخلصاً بأن تبحث عن طبيب نفسي ماهر ليساعدك، إن الأعراض الانفعالية الحادة من شأنها أن تحرف تفكيرك إلى درجة يكون من العسير جداً وقتها أن تغيرها بنفسك، على سبيل المثال إذا شعرت بالوقوع في فخ، واعتقدت اعتقاداً راسخاً بانعدام الخيارات أمامك، فإن المعالج النفسي يمكنه إدراك الاحتمالات، التي لا تنتبه أنت إليها، ويساعدك على خفض ألمك لأقل درجة ممكنة، وتغيير سلوكياتك التي تزيد الموقف سوءاً، أو تضاعف ما يقع عليك من ضغط، يمكنك بكل تأكيد أن تبقي على استخدامك لهذا الكتاب، لكن المعالج النفسي الناجح يستطيع معاونتك في توفيق الأدوات مع حاجاتك الخاصة.
