عادي

استراتيجية «الأهداف الناعمة» وسيناريوهات الرد الإيراني على إسرائيل

17:56 مساء
قراءة 5 دقائق
1

إعداد ـ محمد كمال

مع عديد التكهنات حول طبيعة الرد الإيراني المحتمل على مقتل القيادي السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، حيث تتهم إسرائيل بالوقوف خلفه، أدلى علي أصغر شافييان، المستشار الإعلامي لحملة الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً مسعود بيزشكيان، بتصريح مفاجئ لصحيفة أمريكية شهيرة حول السيناريو الأقرب لمحاولة تنفيذه ضد أهداف إسرائيلية.

وقال شافييان في تصريح نشرته صحيفة واشنطن بوست، الاثنين: إن انتقام طهران من غير المرجح أن يكون تكراراً للهجوم الذي استمر لساعات في إبريل/ نيسان. وأضاف أن مقتل هنية «كان مهمة تعتمد على الاستخبارات و رد إيران سيكون ذا طبيعة مماثلة وعلى مستوى مماثل».
ـ الأهداف الناعمة ـ

وفي الاجتماعات الأخيرة، وفقاً لمصدر لبناني، أعربت إيران عن قلقها من احتمال قيام إسرائيل والولايات المتحدة بضرب برنامجها النووي، باستخدام صراع واسع النطاق كذريعة «لتحييد الردع النووي الإيراني بشكل أساسي».

وقال مارك بوليمروبولوس، ضابط العمليات الكبير السابق في وكالة المخابرات المركزية، الذي خدم في الشرق الأوسط: إن رد المخابرات الإيرانية يمكن أن يتخذ شكل هجمات على أهداف إسرائيلية «ناعمة» في الخارج. وقال: «لا أعتقد أن الإيرانيين لديهم القدرة على ضرب مسؤولين أمنيين إسرائيليين، على سبيل المثال، على الأراضي الإسرائيلية».

ويكمن الخطر هذه المرة في أن إيران ربما تكون قد تعلمت من فشلها في اختراق الدفاعات الأمريكية والإسرائيلية في إبريل/نيسان الماضي، وابتكرت تكتيكات جديدة.

ويرى مراقبون أن إيران تسعى لإظهار مدى قوتها مع تجنب نشوب حرب إقليمية، وهي المهمة التي أصبحت أكثر صعوبة بعد أول هجوم مباشر لها على إسرائيل، الذي وقع في إبريل/ نيسان.

وفي العلن، يواصل المسؤولون الإيرانيون التحذير من انتقام «قاس» «لمعاقبة» إسرائيل. لكن في اجتماعات خاصة، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثات، دعت إيران إلى توخي الحذر، ساعية إلى تحقيق التوازن بين أي استعراض للقوة والرغبة في تجنب حرب شاملة في المنطقة.

وقال شخص لبناني له علاقات وثيقة بجماعة حزب الله اللبنانية، والذي تم اطلاعه على الاتصالات مع طهران: «إن الإيرانيين وحلفاءهم يتصرفون بحذر». وقال مصدر آخر: «إن الرد سيكون محدوداً لأن طهران لا تريد توسيع الحرب».

وأفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية، أنه تم تسليم أكثر من 2000 نظام صاروخي وطائرات دون طيار و«معدات متطورة أخرى» محلية الصنع إلى البحرية الإيرانية خلال حفل أقيم يوم الجمعة، وتم نشر دفاعات جوية جديدة في الشرق. وقال الجنرال علي رضا صباح فرد: إن الأنظمة تسمح لإيران «بالرد بشكل حاسم على أي نوع من التهديد».

ومن شأن الحرب الإقليمية، أن تزيد من عزلة إيران وتعميق أزمتها الاقتصادية. على مدى الشهور العشرة الماضية، فيما يرى مراقبون أن أفضل نتيجة لهذه الأزمة تتلخص في الموافقة على وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وبالتالي خفض معدل التوترات في المنطقة.

وقال عباس إبراهيم، رئيس المخابرات اللبنانية السابق: إن عمليات القتل المتتالية تم تفسيرها على نطاق واسع في المنطقة على أنها محاولة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإشعال صراع أوسع نطاقاً. وأضاف عن قرار مقتل هنية في إيران: «هذا يظهر أن نتنياهو ليس لديه مصلحة في وقف الحرب، ويظهر الآن أنه يريد جر الولايات المتحدة إليها».

ـ لحظة أمريكية مخيفة ـ

ورغم التحشيد العسكري الأمريكي في المنطقة، الذي يؤشر إلى احتمال جدي بشأن تصاعد الصراع واتساع رقعته في الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة ترى أن كلاً من إيران وإسرائيل لا تريدان الوقوع في أتون حرب إقليمية مدمرة.

ويرى نورمان رول، أحد كبار الخبراء السابقين في وكالة المخابرات المركزية، أن الإدارة الأمريكية أمام لحظة مخيفة، مضيفا بشأن إيران: «إن العديد من الأضواء الحمراء تومض الآن..لم يسبق لي أن رأيت المنطقة على هذه المسافة القريبة من الصراعات المدمرة».

ونشرت الولايات المتحدة المزيد من السفن في شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك غواصة ومدمرات عدة، وقال مسؤول أمريكي الاثنين: إن مدمرة أمريكية أخرى انتقلت إلى شرق البحر المتوسط ​​لتعزيز القدرات الصاروخية الهجومية والدفاعية في المنطقة. وقال مسؤول دفاعي: إن السفينة يو إس إس لابون وصلت إلى المنطقة.

والمدمرات يو إس إس روزفلت ويو إس إس بولكيلي وفرقة عمل برمائية مكونة من ثلاث سفن تضم يو إس إس واسب ويو إس إس أوك هيل ويو إس إس نيويورك موجودة بالفعل في المنطقة. ويتدرب البحارة ومشاة البحرية في فرقة العمل هذه على التعامل مع عمليات الإخلاء ويمكن استدعاؤهم إذا قرر المسؤولون الأمريكيون أن ذلك ضروري.
ـ التوقعات الإسرائيلية ـ

وقال مسؤول إسرائيلي، لواشنطن بوست، نقلاً عن محادثات مع مسؤولين أمنيين: إن التقييمات المحدثة لإسرائيل تشير إلى أن إيران قررت تنفيذ هجوم مباشر.

كما أوضح يوئيل جوزانسكي، وهوة مسؤول في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أن إسرائيل أبلغت إيران وحزب الله بأن استهداف المراكز السكانية المدنية سيعتبر خطاً أحمر، في الوقت الذي يجري الاستعداد في إسرائيل لمجموعة من السيناريوهات، بما في ذلك السيناريو الذي يهاجم فيه حزب الله أولاً ثم تنضم إليه إيران بعد ذلك.

وأكد جوزانسكي، أن إسرائيل تدرس شن هجوم وقائي ضد حزب الله، لكن مثل هذا القرار سيكون مشروطاً بموافقة الولايات المتحدة، التي أنشأت مؤخراً «وجوداً أمريكياً قوياً في المنطقة، إلى جانب ضغوط أمريكية هائلة، لم يسبق لها مثيل على إيران من أجل أن تخفض التصعيد.

وقال المتحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية، الأدميرال دانييل هاغاري، يوم الاثنين: «إن مستوى استعدادات إسرائيل في ذروته»، مضيفاً أنه إلى جانب الولايات المتحدة تجري متابعة الوضع على مدار الساعة.

وقال القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كاني، في بيان، الأحد: إن «إيران ستجعل اعتداءات إسرائيل مكلفة في عمل مشروع وحازم».

ويخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن تقوم إيران بتنسيق هجومها مع حزب الله، الذي تعهد بالانتقام لمقتل فؤاد شكر، أحد كبار قادة حزب الله، الشهر الماضي. وقال ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق: إن إسرائيل تتوقع أن ينتقم حزب الله من «الضربة القوية من الناحية العملياتية» التي تعرض لها الحزب.
ـ الهدنة ـ

وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن ينهي الحرب الدموية في غزة ويطلق سراح الرهائن الإسرائيليين، بالإضافة إلى تهدئة التوترات مع خصومها الإقليميين.

وقال مسؤول إسرائيلي: إنه سيتم إرسال وفد إسرائيل الخميس إلى الدوحة لمناقشة اقتراح وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة، والذي أعلنه الرئيس جو بايدن في مايو.

وقال المسؤول: «ستكون إسرائيل مرنة حسب الحاجة». وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رفض التوقيع على اتفاق خلال الجولات السابقة من المفاوضات، «يفهم الآن أنه بحاجة إلى اتفاق، وأن إسرائيل تؤيد التوصل إلى اتفاق، وأن ترك الرهائن خلفه سيمثل جرحاً قد لا تشفى منه إسرائيل».
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2sxpdzp7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"