عادي

«هجوم كورسك»..جرعة معنوية لأوكرانيا أمام الانتصارات الروسية

18:42 مساء
قراءة 4 دقائق

سومي - أ ف ب
مع توغل الدبابات وقوات المشاة الأوكرانية عبر الحدود الروسية الأسبوع الماضي، في نقطة تحوّل مفاجئة في الحرب، يحتفي أحد الجنود المشاركين في الهجوم بما وصفه بضربة كبيرة للجيش الروسي.
وبخلاف الجنود الذين اصطدموا بخطوط الدفاع الروسية المتينة التي أحبطت هجوماً أوكرانياً مضاداً العام الماضي، تمكنت القوات التي تهاجم روسيا هذه المرة من التوغل بسرعة وسهولة في الأراضي الروسية.
وقال الجندي الذي عرّف عن نفسه باسم روجيك: «لم يحموا الحدود. لم تكن لديهم غير ألغام مضادة للجنود مزروعة حول الأشجار على حافة الطريق، وبضعة ألغام نجحوا في إلقائها سريعاً على طول الطرق السريعة».
وأعلنت كييف، أن الآلاف من جنودها اخترقوا منطقة كورسك الروسية في عملية خاطفة فاجأت الكرملين، وسيطروا على ألف كلم مربّع من الأراضي الروسية. وأرسلت موسكو تعزيزات إلى المناطق الحدودية المعرّضة للتهديد وأجلت آلاف السكان.
وفي الأثناء، تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرد وقال: إن العملية دليل على أن روسيا تخوض حرباً مع الغرب. وتتباين سرعة الهجوم الأوكراني، الأكبر لأي جيش أجنبي على أراضي روسيا منذ الحرب العالمية الثانية، مع ضراوة المعارك التي تجري للسيطرة على المدن، والبلدات الواحدة تلو الأخرى في سياق الحرب التي دخلت عامها الثالث.
- «تهاون روسي»
وقال المحلل العسكري الأوكراني ميكولا بيليسكوف: «هذا مثال آخر على التهاون الروسي».
وتابع: «افترضت روسيا بأنها إن كانت تمسك بزمام المبادرة في مكان آخر، فلن تجرؤ أوكرانيا على القيام بما شهدناه»، في إشارة إلى شهور من التقدّم الروسي التدريجي على طول الحدود.
وشكّل الهجوم بالتأكيد جرعة معنويات كانت القوات الأوكرانية بأمسّ الحاجة إليها، لكنه يطرح في المقابل تساؤلات حيال الرد الروسي. والتزمت كل من موسكو وكييف الصمت حيال حجم وطبيعة المعارك في كورسك.
وقال عسكري أوكراني بكلام مقتضب فيما كان يحمل حقيبة ظهر ويتناول بندقية هجومية قبل سلوك طريق وسط الغابة لعبور الحدود مجدداً إلى روسيا: «رأيت الكثير من القتلى في الأيام الأخيرة».
وتابع قائد الفرقة البالغ 27 عاماً معرفاً عن نفسه باسم فاوارن واصفاً المعارك في كورسك: «كان الأمر مروعاً في البداية، لكننا نعتاد على ذلك. هناك العديد من القتلى».
وفيما كانت طواقم الدبابات تستعد في حقل مكسو بالعشب للانتشار في كورسك، وصف قائد عسكري العملية بأنها دفعة معنوية لجيش يعاني نقص في العديد والأسلحة.
وأوضح: «لم تسجّل أي انتصارات كبيرة في أوكرانيا في الشهور الأخيرة. وحدهم الروس كانوا يتقدّمون».
وأشار إلى أن الهجوم بحد ذاته يعد انتصاراً بحكم الأمر الواقع لأوكرانيا، لأنه سيجبر الكرملين على إرسال تعزيزات إلى مناطق حدودية أخرى ضعيفة، ما سيمنعه من نشرها في أوكرانيا.
وأضاف: «إن أبقوا في كورسك قوات لا يمكنهم استخدامها (في أوكرانيا)، فهذا بحد ذاته سيكون نجاحاً. لنرى كيف تتطور الأمور».
- قنابل انزلاقية
ويؤكد روجيك (21 عاماً) أن الهجوم الأوكراني وضع موسكو في موقع صعب، وقال: «إذا بدؤوا تحريك القوات من الجانب الآخر للحدود، فلن يكون بإمكانهم المحافظة على خط الجبهة هناك».
لكن مسؤولاً أوكرانياً رفيعاً قال في وقت سابق: إن الهجمات الروسية في منطقة دونيتسك الشرقية التي لطالما سعى بوتين للسيطرة عليها، لم تتوقف. كما لفت «معهد دراسة الحرب»، وهي مجموعة بحث مقرها الولايات المتحدة، إلى أن القوات الروسية واصلت تحقيق مكاسب في هذه المنطقة الصناعية خلال الأيام الأخيرة.
وأفاد عدد من الجنود قرب القرى الأوكرانية عند الحدود مع كورسك شرط عدم الكشف عن هوياتهم، بأن روسيا تلقي عدداً هائلاً من القنابل الانزلاقية لمواجهة الهجوم، وهو ما أكده مدنيون تم إجلاؤهم في الأيام الأخيرة.
وذكرت السلطات المحلية الاثنين، بأن القوات الروسية تلقي ما ين 40 و50 قنبلة انزلاقية يومياً على هذه المنطقة وحدها.
- لا مسيّرات فوق كورسك
وقال جنود أوكرانيون: إن روسيا فوجئت إلى حد أن القصف الجوي كان خيارها الدفاعي الوحيد إلى حين تمكنها من نشر مزيد من الوحدات.
ولدى سؤاله عما إذا كانت روسيا تطلق مسيّرات في كورسك (كما تفعل بشكل كبير في ميدان المعركة في دونيتسك)، قال عنصر في طاقم الدبابات يبلغ من العمر 30 عاماً: «الوضع هادئ تماماً»، قبل لحظات من انطلاق وابل من الصواريخ الأوكرانية فوق حقول عباد الشمس.
وما زال الهدف النهائي لعملية كورسك غير واضح.
وذكر مصدر رفيع في كييف، أن أوكرانيا تهدف إلى «زعزعة استقرار» روسيا، وهي نظرية أكدها بوتين الاثنين.
ورجّح الرئيس الروسي أيضاً، بأن أوكرانيا تسعى إلى تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية.
وبحسب المحلل بيليسكوف، فإن مسألة نجاح أوكرانيا في السيطرة على جزء من المنطقة يتوقف على الاستراتيجية التي ستتبعها روسيا، فهل ستحاول استعادتها أم تعزز مواقعها لمنع القوات الأوكرانية من التقدّم أكثر؟
وقال: «لا أرى سبباً يمنع أوكرانيا من انتزاع ثمن باهظ من روسيا، إذا حاولت استعادة هذه الأراضي».
وأمر بوتين جيشه بـ«إخراج» القوات الأوكرانية، ويؤكد الجندي روجيك، بأنه يتوقع بالفعل رداً روسياً قاسياً.
وأوضح: «لا أعتبر المعارك صعبة حالياً. لكن نعم، ستكون كذلك قريباً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/55dt62wk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"