فخرنا يا أبا خالد

05:31 صباحا
خالد عبدالله تريم

الحقيقة الأكيدة بعد أربع سنوات على غياب الوالد العزيز الدكتور عبدالله عمران تريم، أنه أعدّنا للحياة من بعده، لكن الحقيقة الأكيدة الثانية وربما الأولى، أن الحياة من دون عبدالله عمران ليست كالحياة معه. القصد هنا يتجاوز الشعور بمرارة الفقد، فالوالد عبدالله عمران، عمر مشترك ورفقة درب، ومحبة وروح.
عبدالله عمران عمل متقن وأمل مستمر، وفي مثل هذا اليوم من كل عام منذ غيابه المفاجئ، تعودنا، نحن أولاده، ونحن أسرته، ونحن أسرة «دار الخليج»، أن نتذكر المؤسس الكبير بشكل خصوصي، ينبني على أننا نتذكره دائماً، طوال أيام العام ولا ننساه، لكنه، ومنذ بغتة يوم الخميس إياه، تأبى نهايات يناير إلا أن تأخذ معها فرح الدنيا وبهجة الأعمار، لتضعنا مجدداً أمام مواجهة الحقيقة: نحن نعيش في زمن يخلو من عبدالله عمران، وإن لم يخل من معناه وسيرته وأثره.. الوالد العزيز، فقيد الوطن والصحافة والثقافة لا يغيب، لا يمكن أن يغيب، ما يجعل أهله وأصدقاءه، على امتداد الوطن العربي الكبير الذي أحب، يراجعون، ورائدهم وعي أسهم الدكتور عبدالله عمران تريم في تأسيسه، ومعه شقيقه المؤسس الكبير الآخر الأستاذ تريم عمران تريم، العديد من المفاهيم والمسلمات والأنماط السائدة، التي أريد لها أن تبقى كما هي في واقع متغير بامتياز.
في مدرسة الأستاذ تريم والدكتور عبدالله، تعلمنا المبادئ واستوعبنا الثوابت، وفيها عرفنا معنى الحق والعدل والحرية والسلام والمساواة. في مدرسة وبيت عبدالله عمران، نشأنا على حب الوطن وضرورة العمل من أجله، وصولاً إلى التضحية بأغلى ما نملك؛ الأرواح، وفي مدرسة وبيت عبدالله عمران، فتحنا عيوننا على نور العروبة واستنشقنا هواء الوحدة العربية، وتعلمنا كيف نحب فلسطين، وكيف نضحي من أجل القدس والمقدسات، وكيف نتفاءل بغد يليق بأمتنا مهما اشتدت العتمة، وببساطة، ببساطة شديدة، وضعنا الدكتور عبدالله عمران تريم، على أهبة استعداد لمواجهة الحياة بالمعنى الأحلى والأبهى للعبارة، ثم مضى.
نعم كان الفراق مفاجئاً، لكن عبدالله عمران الذي أدمن الإتقان والإخلاص، الذي أحب الحياة والعلم والعمل، الذي نذر حياته لوطنه وأمته، ليس ممن يمضي، من دون أن يملأ على أهله وزملائه وأصدقائه عالمهم، شأنه في ذلك شأن الآباء العظماء والمعلمين الكبار، ومن هنا نفهم كيف أن تأسيس عبدالله عمران تريم، تأسيس مستمر إلى اليوم، وإلى صباح اليوم التالي، وكأن نهايات يناير من كل عام بدايات وبدايات.
في الحقيقة لا المجاز، نحن نتعلم من عبدالله عمران كل يوم، ونحن نواجه حياتنا وتحديات حياتنا بمعيّته ومعرفته ويقينه، ولأن عبدالله عمران، أباً وزميلاً وصديقاً ومعلماً وملهماً
، حاضر بيننا ولم يغب ولا يغيب، فقد استطعنا، بتعاون الجميع من فريق عمل الدكتور، وهم من أخلص زملائه وتلاميذه، مواصلة مشوار عبدالله عمران الذي يؤهل أهله، أبداً، لمعانقة النهار، والوصول إلى عين الشمس.
وفي الحقيقة كما في المجاز، وأكثر منه وأبعد، تتحقق أحلامنا القريبة والبعيدة مع عبدالله عمران، الغائب الحاضر، أجمل وأكمل، أسرع وأبدع..
فماذا بعد يا من أخذت بعض أرواحنا وأجسادنا معك قبل أربع سنوات ومضيت؟ شوق عمران وأميرة وعائشة إليك وإلى روحك العذبة يا أبتي، لا يحد، ولم نكن لنصبر جميعاً لولا عناية الله ولطفه، ولم نكن لنتحمّل لو لم نكن مأمورين بالصبر والاحتساب.
وفخرنا يا أبا خالد أننا ننتمي للإمارات وإليك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​رئيس مجلس إدارة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، رئيس تحرير "الخليج"

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"