تمهين التعليم

04:04 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

إن الاهتمام بمعلم المستقبل، رهان بقاء الأنظمة التعليمية الآن، لذا أصبحت مسألة اختيار المعلم، أصعب من السابق، وعملية إعداده وتأهيله باتت مسؤولية لا تقبل التقاعس، ولا تتحمل المجازفة، لاسيما أن مسارات التطوير مستمرة لا تتوقف، وتحديات التغير متوالية ومتسارعة.
وهنا تكمن أهمية وحتمية تمهين التعليم، باعتباره ركيزة أساسية للإصلاح والتطوير في المستقبل القريب، الأمر الذي يفرض وضع معايير محددة وضوابط ممنهجة، لمزاولة مهنة التدريس، لتفرز ما يعرف الآن ب«رخصة المعلم»، أو «تراخيص مزاولة مهنة التعليم».
ركزت وزارة التربية والتعليم على هذا التوجه بجدية منذ سنوات، وبدأت العجلة تدور في فلك معلمي المدارس كافة، باختبارات تخصصية صنفت المعلمين إلى فئات، فمنهم من هو مطالب باجتياز اختبار واحد «تربوي»، وآخر يخضع لاختبارين «تربوي وتخصصي»، وثالث عليه اجتياز ثلاثة اختبارات «تربوي وتخصصي وآيلتس» للحصول على الرخصة.
نعم جهود مشهودة، وتحسب ضمن إنجازات الوزارة، ولكن هناك بعض التحفظات التي تؤخذ على آليات تطبيق تلك الاختبارات، إذ تشكل جملة تحديات تعوق المعلمين، وتثير عدداً من التساؤلات، أبرزها، افتقار عدد كبير من المعلمين لماهية الاختبار ومكوناته، ولم يراع مضمون الأسئلة المرحلة التدريسية لكل معلم، حيث تم وضع الجميع في «سلة واحدة»، فلماذا لم يكن لدينا فريق متخصص لتوعية المعلمين وتحديد احتياجاتهم؟
الإشكالية الأكثر شيوعاً، تكمن في التدريب وسبل التأهيل للحصول على التراخيص، إذ إن الجهود في هذا الجانب «متواضعة»، فهناك مدارس خاصة تعاقدت مع شركات تدريب لا نعلم «مجهولة الهوية»، لتأهيل معلميها لتلك الاختبارات، ومع الأسف يتحمل المعلمون كافة التكاليف، التي يتم استقطاعها شهرياً من رواتبهم، وربطت مدارس أخرى اعتماد زيادة الراتب والحوافز بحصول المعلم على التراخيص.
والسؤال هنا لماذا لا نعد برامج تدريبية متخصصة لجميع المعلمين في مدارسنا؟ على الأقل لنطمئن للمحتوى ومدى مواءمته للأهداف التي وجدت من أجلها تراخيص المعلم؟ وأين الرقابة لرادع تجاوزات بعض إدارات المدارس التي فرضت على معلميها سداد تكاليف التدريب؟ وربطت حقوقهم المادية برخصة المعلم؟
وآليات التعاطي مع اختبارات التراخيص مازالت «بطيئة»، فلماذا يضطر المعلم إلى الانتظار ثلاثة أشهر ليتعرف إلى نتيجة اختباره الذي يؤديه إلكترونياً، وأسئلته «اختيار من متعدد»؟ وما هي آليات تصحيح تلك الاختبارات؟ وهل النظام مسؤول عن التصحيح، أما نختبر المعلمين إلكترونياً ونصحح لهم يدوياً؟
«رخصة المعلم» مشروع وطني كبير، يرسم ملامح مستقبل المعلمين، ويحدد نوعية المخرجات وجودتها، وينبغي أن نقيم أنفسنا بكل وضوح وشفافية بناء على مخرجات تلك الاختبارات في المرحلة الماضية، وعلينا أن نحمي أهداف ومكتسبات هذا المشروع برقابة صارمة، تشرف على الآليات والضوابط وماهية التدريب الخارجي وجودته، لنضمن اختيارات موافقة لمعلمي المستقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"