ازدواجية أمريكية بين الجولان والقرم

03:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
فينيان كانينغهام *

تنكرت الولايات المتحدة للقانون الدولي بإعلان اعترافها رسمياً بأن مرتفعات الجولان السورية المحتلة هي جزء من أراضي «إسرائيل».
بهذا الاعتراف، فقدت الولايات المتحدة أي حجة أخلاقية أو قانونية لفرض عقوبات على روسيا بدعوى أنها «ضمت شبه جزيرة القرم».
وفي التقرير السنوي لهذا العام الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في العالم، أشار البند المتعلق بمرتفعات الجولان إلى هذه المنطقة باعتبارها «منطقة خاضعة لسيطرة «إسرائيل»» وليس «منطقة تحتلها «إسرائيل»» كما كان هذا التقرير يقول في السنين السابقة.
وهذا التغيير في صياغة التقرير الأمريكي السنوي يخرج عن نصوص قرارات الأمم المتحدة التي تستخدم تعبير «منطقة تحتلها إسرائيل» للإشارة إلى مرتفعات الجولان السورية التي احتلتها «إسرائيل» في حرب 1967.
وكانت «إسرائيل» قد أعلنت «ضم» المرتفعات السورية في عام 1981. غير أن مجلس الأمن الدولي أدان بالإجماع - أي بتأييد الولايات المتحدة - إعلان الضم هذا باعتباره غير مشروع. وتضمن القرار نصاً يلزم «إسرائيل» بإعادة مرتفعات الجولان المحتلة إلى سوريا.
وتشكل مرتفعات الجولان موقعاً استراتيجياً يطل على شمال وادي نهر الأردن وتبلغ مساحته 1800 كيلومتر مربع.
واعتراف الولايات المتحدة رسمياً بأن مرتفعات الجولان هي جزء من «إسرائيل» يشكل استهزاء سافراً بالقانون الدولي.
علاوة على ذلك، يحرم هذا الاعتراف الأمريكي واشنطن من حق الادعاء بأن موقفها من مسألة شبه جزيرة القرم هو «موقف مبدئي» كما تقول.
يذكر أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو كان قد كرر - في فبراير/شباط الماضي - اتهام روسيا ب«ضم القرم»، وأكد أن العقوبات الأمريكية على روسيا سوف تستمر «إلى أن تعيد روسيا القرم إلى أوكرانيا». وقال في تصريحه ذاك: «العالم لم ينس الأكاذيب المعيبة التي لجأت إليها روسيا من أجل تبرير عدوانها وضمها أراض أوكرانية... الولايات المتحدة ستواصل فرض العقوبات ذات الصلة على روسيا إلى أن تعيد الحكومة الروسية السيطرة على القرم إلى أوكرانيا».
وفي العام الماضي، كانت وزارة الخارجية الأمريكية بقيادة بومبيو قد أصدرت «إعلان القرم»، الذي قالت فيه إن «روسيا تقوض المبدأ الدولي القائل بأن أي دولة لا يحق لها أن تغير بالقوة حدود دولة أخرى».
وإعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن «الضم غير المشروع» لشبه جزيرة القرم هو الأساس القانوني للعقوبات الاقتصادية التي فرضاها على روسيا. وهذه العقوبات ساهمت في تفاقم التوترات بين الغرب وروسيا، واتخذها حلف الأطلسي مبرراً لتوسيع مناطق انتشار قواته العسكرية في أوروبا الشرقية حتى حدود روسيا.
غير أن الإعلان الغربي بشأن «الضم غير المشروع» للقرم قابل هو أيضاً للنقاش، ويمكن اعتباره غير قانوني. إذ إن سكان شبه جزيرة القرم صوتوا بصورة مشروعة على بقاء منطقتهم جزءاً من روسيا، وذلك في الاستفتاء الشعبي الذي نظمته روسيا في مارس/آذار 2014، والذي قرر سكان القرم فيه الانضمام إلى روسيا الاتحادية. وجاء ذلك الاستفتاء عقب الانقلاب غير المشروع الذي قام به زعماء أوكرانيون موالون للغرب في فبراير/شباط 2014 بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي كان انقلاباً ضد الرئيس المنتخب شرعياً فيكتور يانوكوفيتش.
وعلى كل حال، كانت شبه جزيرة القرم تاريخياً، وعلى مدى قرون، جزءاً من روسيا. وفي أوائل ستينات القرن الماضي، ألحقها الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف بجمهورية أوكرانيا الاتحادية السوفييتية لأسباب إدارية، وبقيت كذلك إلى أن استعادتها روسيا في 2014.
وعلى كل حال أيضاً، لا يمكن مساواة مسألة مرتفعات الجولان السورية المحتلة بمسألة القرم - باستثناء قاسم مشترك واحد، هو نفاق السياسة الأمريكية. إذ إنه لا يمكن المجادلة قانونياً في واقع أن مرتفعات الجولان هي منطقة تابعة للسيادة السورية، وأن الاحتلال «الإسرائيلي» أعلن ضمها بواسطة القوة المسلحة.
علاوة على ذلك، عدم شرعية الاحتلال «الإسرائيلي» لمرتفعات الجولان موثق في القانون الدولي بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497، الصادر في 17 ديسمبر/كانون الأول 1981، والذي نص على أن إعلان «إسرائيل» بضم مرتفعات الجولان «باطل ولاغ».

* صحفي ورئيس تحرير من إيرلندا الشمالية يكتب حول الشؤون الدولية - موقع «استراتيجيك كلتشر»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"