وقفة مع لغة «الضاد»

04:19 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

منذ يومين احتفلنا مع العالم، باليوم العالمي للغة العربية، لغة القرآن، مصدر حضارتنا وتاريخنا على مر العصور، ومع مرور عام، وقدوم آخر جديد على لغة الضاد، تتعاظم طموحاتنا، لتعزيز مكانتها وحمايتها وشد أزرها بين لغات العالم.
وكالعادة قدمت الإمارات هدية جديدة لأبناء العرب في اليوم العالمي للغة الضاد، إذ أطلقت منصة «مدرسة»، إحدى مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، دروساً مبتكرة في «العربية»، لتضع 1000 درس تعليمي بالفيديو في متناول أكثر من 50 مليون طالب عربي.
في الواقع جهود الإمارات مشهودة في مسيرة النهوض ب «العربية»، وتطوير مسارات تعزيز مكانتها بين المجتمعات، فقد دون تاريخ السنوات العشر الأخيرة، مبادرات نوعية للدولة، أسهمت في إحداث تغيرات جذرية، عززت أهمية ومكانة لغة الضاد، فهناك جائزة محمد بن راشد للغة العربية، وتحدي القراءة العربي الذي شارك فيه 13.5 مليون طالب في نسخته الأخيرة، وكذا لدينا هيئات ومؤسسات شاغلها الشاغل النهوض ب«العربية».
ولكن استوقفتني بعض المعلومات التي وردت في تقرير حالة اللغة العربية ومستقبلها، حيث أظهرت أن العالم العربي في حاجة ماسة، إلى عقول مبدعة قادرة على ترجمة المواد العلمية وتعريبها، وبناء مناهج تعليمية للعلوم بأنواعها، وعلى الرغم من مبادرة الإمارات بتعريب وترجمة، 5000 فيديو تعليمي في مجالي العلوم والرياضيات، من خلال «تحدي الترجمة» فإن الدول العربية لم تستثمر في تلك الخطوة المهمة بعد، وجهودها ما زالت متواضعة إن لم تكن معدومة، فالنهوض ب«العربية» يحتاج إلى تضافر جهود الجميع، ويد واحدة لا تصفق.
حوكمة لغة الضاد، قضية غاية في الأهمية، وتنفيذ مشروع الحوكمة اللغوية منوط بمجامع اللغة العربية، باعتبارها المرجعيات المركزية العليا لقرار اللغة العربية على مستوى العالم، واعتماد آليات معلومة وواضحة وصريحة، تشكل مزيجاً من صرامة المعيارية اللغوية والاجتهادات المعاصرة، في مواجهة فوضى التخطئة اللغوية وادعاء امتلاك زمام لغتنا العربية ومرجعيتها.
والجانب المشرق في نتائج التقرير، يكمن في أن لغة الضاد وجدت نصيباً من الاهتمام في بلاد غير ناطقة بالعربية مثل «أمريكا وآسيا وأوروبا»، وهذا ينعكس إيجابياً على تعزيز مكانتها في تلك المجتمعات، ويعلي من شأن محتواها بين لغات العالم، فضلاً عن تعدد القنوات التي تأخذنا إلى التقريب بين ثقافات الغرب والعرب.
إن تقييم حالة لغتنا العربية ضرورة تفرضها متغيرات وتطورات لغات العالم، فلماذا لم يصبح تقرير قياس حالة «العربية» إصداراً سنوياً مستداماً يحمل لنا سنوياً ما آلت إليه لغة الضاد من تطوير، وما تحتاج إليه لمواصلة مسيرة النهوض، وما لنا كشعوب عربية وما علينا، للمحافظة على كيانها وقداستها ومحتواها؟.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"