8 أساطير تهاوت مع فوز ترامب

02:43 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبد الخالق

ليست استطلاعات الرأي هي الأسطورة الوحيدة التي تهاوت مع فوز دونالد ترامب، بعد أن ثبت أن نتائجها لم تعكس التوجهات الحقيقية للرأي العام الأمريكي، بل جاءت معاكسة لها. مع ظهور النتائج الكاملة للانتخابات انهارت سبع أساطير أخرى ظلت راسخة لعقود طويلة في الوعي الأمريكي، وتحولت إلى جزء من التراث السياسي لهذا البلد.
ربما بسبب صدمة النتيجة ومفاجأتها المدوية استأثرت الاستطلاعات دون غيرها بالاهتمام الأكبر واللوم أيضاً، لأنها خلقت انطباعاً شبه مؤكد بأن هيلاري كلينتون باتت في حكم الفائزة.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها الاستطلاعات نتائج مخالفة للحقيقة. وسبق أن أشرنا في هذه المساحة بتاريخ 22 أغسطس/ آب الماضي إلى دراسة نشرتها مجلة «نيشن» الأمريكية أجابت فيها عن السؤال المهم وهو: لماذا تخطئ الاستطلاعات؟ أحد الأسباب هو أن الكثير من الناخبين يكذبون على مندوبي الاستطلاع بشأن آرائهم الحقيقية، إما خجلاً منهم، وإما رغبة في الظهور بصورة إيجابية. تطبيقاً على الواقع، قالت المجلة وقتها إن الكثيرين ممن يؤيدون ترامب لا يعلنون ذلك في الاستطلاعات بسبب مواقفه المتطرفة والعنصرية. لهذا جاءت النتائج في غير صالحه، بينما في الانتخابات سيدلي هؤلاء برأيهم الحقيقي المؤيد له. وهو ما حدث بالفعل.
الأسطورة الثانية التي تهاوت بفوز ترامب، تتعلق بالتبرعات كعامل حاسم للفوز. وعلى أساس أن من يجمع أموالاً أكثر ينفق أكثر، ويكون أقدر على التأثير في الجمهور وبالتالي أقرب للفوز. هيلاري تفوقت على ترامب في هذا السباق، وأغدق عليها أباطرة المال الملايين التي حرموا منها المرشح الجمهوري، الذي لم يرَ أن من المهم كثيراً المبالغة في الإنفاق على المؤتمرات أو الدعاية، وثبت أنه كان على صواب خلافاً للرأي السائد.
الأسطورة الثالثة، هي الدعم الإعلامي كشرط للفوز. طوال الحملة الانتخابية ظل الود مفقوداً بين ترامب ومعظم وسائل الإعلام، حتى الصحف المحسوبة على اليمين رفضت تأييده.
الوهم الرابع هو دعم المؤسسة الحزبية باعتباره أمراً بديهياً، فمن الطبيعي أن يحظى مرشح الحزب بمساندة مؤسسته. غير أن هذا لم يكن حال ترامب مع الحزب الجمهوري الذي استخفّ قادته به منذ دخوله حلبة السباق، وتوقعوا هزيمته بسهولة في الانتخابات التمهيدية، ليس فقط لأنه دخيل على الحزب ولكن أيضاً لانعدام خبرته السياسية وافتقاده برنامجاً واضحاً. بل إن العديد من قادة الحزب ظلوا يناصبونه العداء حتى بعد أن أصبح المرشح الرسمي للجمهوريين.
الأسطورة الخامسة، هي دعم مجتمع المال والأعمال، أي «وول ستريت» والشركات الكبرى، فضلاً عن جماعات الضغط والمصالح. هذه الكيانات القوية هي مراكز التأثير الحقيقية في صناعة القرار ومصادر التمويل الأساسية للمرشحين السياسيين. والاعتقاد السائد قبل فوز ترامب هو أن الطريق إلى البيت الأبيض لا بد أن يمر عبر تلك المؤسسات العتيدة. غير أنه اكتشف أو بمعنى أدق أثبت أنه ليس الطريق الوحيد المتاح. وسيكون ذلك بداية تحول مهم في تاريخ العمل السياسي الأمريكي.
الأسطورة السادسة، هي خبرة المرشح. وتبين أنها ليست شرطاً ضرورياً ضمن مسوغات الحصول على وظيفة رئيس الولايات المتحدة.
الوهم السابع هو الانحياز الأخلاقي من جانب الناخب. أي افتراض أنه يختار دائماً المرشح صاحب السمعة الناصعة. لن نخوض كثيراً في هذه النقطة لأن الفضائح التي أحاطت بترامب لم تؤثر في تأييد الناخبين له.
أخيراً.. سقطت الأسطورة الثامنة الكبرى، وهي أن أمريكا تجاوزت ماضيها العنصري. الخطاب السياسي لترامب كان ينضح بنبرة استعلاء واضحة ضد كل ما هو أجنبي أو أسود أو مهاجر. هذا الخطاب يعيد إنتاج تاريخ غابر عن تفوق وهيمنة «السيد الأبيض» في مواجهة الآخر، أي كل من هو دونه.
وجدت هذه الروح العنصرية تجاوباً وترحيباً عند الأمريكيين انعكسا في تصويتهم. هذا التطور هو ما يدعو للاهتمام والقلق أكثر من أي شيء آخر. ويجب رصد تجلياته بدقة في الفترة المقبلة. هل ستكون تلك هبة خيلاء انتخابية عابرة، أم بداية لمرحلة من المد اليميني الملوث بالعنصرية والتعالي؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"