القضايا كثيرة والكتّاب قلة

03:37 صباحا
قراءة دقيقتين
د، عبدالعزيز المقالح

يتعب عدد من الكتّاب، والناشئين منهم خاصة، في البحث عن موضوع في الوقت الذي تتعدد فيه مناحي الحياة، وتتسع لموضوعات لا حدود لها، لاسيما في حياتنا العربية، حيث تكثر الإشكاليات، وتتعدد مداخلها، ومخارجها.
وفي هذه الحالة، فإن الإشكالية تأتي من اتساع مساحة الموضوعات، لا من غيابها، والاضطرار إلى البحث عنها. وهناك ما هو اقتصادي، وما هو سياسي، أو اجتماعي، وما على الكاتب إلا أن يلتقط فكرة من هنا، أو فكرة من هناك، ويبدأ بمقاربتها مقاربة موجزة، أو طويلة.
وواقعنا العربي الراهن، بكل مخلفاته ومستجداته، يعطي الكاتب العربي فرصة لتأليف الموسوعات وليس الموضوعات عن هذا الواقع الجامد، في زمن تمور فيه الحياة، وتأخذ أبعاداً من التطور المدهش، والمثير. والذين يشكون من غياب الموضوعات إنما يعلنون عن عجزهم التام عن استيعاب هذا الواقع، وما يصدر عنه.
وسيكون من الصعب على هؤلاء أن يعترفوا بعجزهم، وجهلهم بمجرى التحولات، وكيف ينبغي أن تستأنف مجتمعاتنا مسيرتها، في تحدٍ لكل العوائق والعثرات، إذ لم يعد هناك وقت للتأمل وإعادة النظر، وقد صارت الأمور شديدة الوضوح لمن يريد أن يقرأ الواقع قراءة متجاوزة.
ومن يتابع واقع المجتمعات العربية يدرك أننا لم نتجاهل ما يحدث، بل وبعضنا أطال التأمل أكثر مما ينبغي، ولم يشرع في التحليل والنظر الجاد. وهناك من الكتابات العميقة ذات النظر الشامل تجدر الإشارة إليها، والوقوف عندها، وإضافة ما يمكن إضافته إليها، وربما نجحت هذه الوقفات والإضافات في تحريك ما تجمّد، وصار غير قابل للنمو.
وليس خافياً ذلك الحال من اليأس الذي يعتري بعض الكتاب، ويجعلهم في منأى عن الاقتراب من حقيقة الأسباب التي أدت إلى ما نحن فيه من ابتعاد عن حركة الحياة في سائر بلدان الغرب وفي كثير من بلدان الشرق.
ولنا قدوة حسنة في بعض تلك الأقطار الشرقية التي خرجت من هول أسوار العزلة والتخلف، ووجدت طريقها الصحيح نحو التقدم المنشود. ويبدو أن استعادة وحدتها الوطنية والقومية قد مكنتها من اتخاذ هذا الموقف الجزئي والتحول غير المسبوق. فهل ستعي مجتمعاتنا الدرس وتبدأ بالاقتداء ولو من باب المحاكاة فقط.
السؤال كبير، والإجابة عنه بحاجة إلى مساحة أوسع وأكبر. فالاقتداء وحتى المحاكاة كلاهما بحاجة إلى شجاعة، وقدرة على امتلاك مكونات التجاوز والبحث عن أقصر الطرق إلى التحول المنشود.
ولا يتم هذا التحول إلاَّ بمعرفة عميقة ووعي يستوعب الواقع بكل إيجابياته وسلبياته، ودراسة وافية للأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من تخلف وجمود.
ومن المؤكد أن الباب مفتوح لتصحيح الأخطاء وتجاوز السلبيات المشار إليها والعمل على وضع حد لما تركته في حياتنا الاجتماعية من آثار ضاره.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"