قدرات وكفاءة المدربين معيار نجاح دورات التحفيز

مطالب بالحد من العشوائية وتسلل غير المتخصصين
06:22 صباحا
قراءة 4 دقائق
تحقيق: مها عادل

انتشرت بالسنوات الأخيرة وبكثافة دورات التنمية البشرية التحفيزية، ورغم الأهمية والفائدة الكبيرة التي تمثلها لمرتاديها خاصة أن أغلبهم يمثلون فئة الشباب المقبلين على حياة جديدة ويبحثون عن مستقبل أفضل، وإقرار الملايين حول العالم باستفادتهم منها في تغيير حياتهم للأفضل ودفعهم للأمام، إلا أن هذه الفائدة لن تتحقق إلا بشروط، أهمها وجود ضبط ورقابة لأداء المدربين والمتحدثين، بوجود جهة رقابية تتأكد من صلاحيتهم للقيام بهذه المهمة الحساسة التي تساهم في تشكيل رؤية الفرد لذاته ومجتمعه وأولوياته. فالانتشار السريع لهذا النمط من التدريب والتحفيز جعل الكثير من غير المؤهلين يتسللون إلى المجال ويرفعون شعار «التنمية البشرية» من دون علم أو كفاءة وبشكل عشوائي والنتيجة أحياناً تكون سلبية عكسية.
وفي السطور التالية نسعى للتعرف إلى أهم مقومات المدرب المؤهل وأهمية هذه الدورات بالنسبة للشباب ومدى اقتناعهم بها.
تحدثنا ريم أيوب، سيدة أعمال بحرينية، عن تجربتها مع دورات التنمية البشرية ومدى اقتناعها بأهميتها وتقول: «أنا من أشد المتابعين لنجوم عالميين في مجال التحفيز والتدريب والإلهام وأتابع دائماً الفيديوهات الخاصة بهم، وأسعدني الحظ مؤخراً بحضور جلسة تحفيزية للمتحدث التحفيزي الشهير «توني روبنز» في دبي، ولا أحد يخرج من محاضراته إلا وقد امتلك روحاً جديدة وشخصية أكثر إيجابية وفعالية. وساعدتني نصائحه كثيراً في حياتي كزوجة وأم وسيدة أعمال لهذا أنا أؤمن كثيراً بأهمية دور مدرب التنمية البشرية والمتحدث التحفيزي وأبحث دائماً عن أصحاب الخبرة الطويلة والشهرة العريضة.
أما غادة محمود فتختلف كثيراً مع الرأي السابق وتقول: «لا أجد أي منطق في مبدأ اللجوء لمتحدث أو مدرب ليكتشف قدراتي ويشحذ هممي ومهاراتي ويساعدني على تحسين حياتي بمجرد حثي على ترديد بعض الكلمات التي يحفظها أو حتى تدريبات الاسترخاء والإحماء التي يشركون بها متابعيهم وأحياناً أندهش من صديقاتي لانبهارهن بهذه الأساليب التي أراها مزيفة أو خداعة وتلعب على مشاعر الحضور وأحلامهم.
يقول خالد العامري صانع محتوى إبداعي:«أنا لا أعتبر نفسي متحدثاً تحفيزياً على الإطلاق، ولكني شاب إماراتي أحب وطني كثيراً وقررت تسخير مهاراتي اللغوية وقدراتي بمجال التصوير في الترويج لبلدي وإنعاش السياحة بها عبر تصوير فيديوهات عن عادات وتقاليد وثقافة الإمارات وأهم المعالم الحضارية والتاريخية بها وأهم المنتجات التي تشتهر بها من بخور وعطور وتوابل وغيرها الكثير، بالإضافة لتنفيذ بعض الحلقات عن التجانس بين الثقافات المتعددة بها لتحفيز الشباب لمعرفة بلادهم أكثر واكتشاف مواطن الجمال بها، وكل هذه الفيديوهات قدمتها باللغة الإنجليزية لمخاطبة الشباب حول العالم وتشجيعهم على تغيير الصورة النمطية للغرب عن بلادنا العربية والتعرف إليها أكثر وإلهامهم بفكرة زيارتها للسياحة، أصبح لدي اليوم أكثر من 3 ملايين متابع عبر قناتي الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.


الحصول على شهادة مرخصة


سوزيت ليون مستشارة التنمية البشرية وتطوير مهارات الشباب في لبنان تقول: لابد من تمتع مدرب التنمية البشرية بمقومات أساسية ليكون «لايف كوتش»، من إلمامه بمبادئ علمي النفس والاجتماع والسلوك المعرفي وخضوعه لاختبارات لازمة لحصوله على شهادات معتمدة تؤهله لمساعدة المتدربين للتغلب على مشاعرهم السلبية تجاه الذات وتحدي المخاوف.
وتضيف: حصلت على شهادة مرخصة من الاتحاد الدولي للمدربين والقيادة I.C.F؛ لإيماني بأن الدراسة عنصر أساسي بمجالنا، حتى لا يتحول الأمر إلى العبث. فالمدرب يختلف تماماً عن المذيع أومن يقوم بالخطابة فهو لا يقدم نصائح مباشرة؛ لكنه يحث الشخص على اكتشاف ذاته وقدراته وإزالة حالة الضبابية التي قد تغلف حياة المتلقي.


إجراءات رقابية وتنظيمية


تقول سلوى آل رحمة رئيسة مبادرة سفراء الإيجابية والخبيرة والمحاضرة الدولية بالتنمية البشرية: لم أخطط لأكون مدرب تنمية بشرية بالبداية؛ لكن انطلق الأمر من وحي تجربتي الشخصية في التغلب على مرض السرطان لأربع مرات بإيجابية، وكانت قصتي دائماً مثار تساؤلات للكثيرين، ومصدر إلهام لغيري من المرضى، ومنحتهم طاقة إيجابية ورفعت معنوياتهم.
وتضيف آل رحمة: تزعجني ظاهرة «العشوائية» في التدريب؛ حيث يحصل البعض على شهادات غير معترف بها دولياً، ويمارس التدريب بدون أي ضمانات تثبت أهليته لذلك. وتضيف: نحتاج إجراءات رقابية وتنظيمية، وإخضاع هؤلاء المتدربين لاختبارات؛ لاعتماد شهاداتهم.


«اللايف كوتش».. مهارات ومقومات


تحدثنا جميلة خليفة الزعابي مدربة التنمية البشرية عن أهم مقومات المدرب، وتوضح: مدرب المهارات الحياتية أو «اللايف كوتش» يحتاج الكثير من الوعي والفهم لأهمية الرسالة التي يقدمها للمجتمع، وإدراك مسؤوليته تجاه المتدربين. ومن أهم مقوماته الشخصية أن يكون صادقاً ومخلصاً في توصيل رسالته، وأن يحصل على شهادات معتمدة في التدريب، وأن يكون ملماً بشكل جيد بكثير من العلوم الإنسانية، التي تساعده على فهم الطبيعة البشرية وإمكاناتها وسلوكاتها. وأن يحرص على الإطلاع الدائم والثقافة والعلم بكل ما هو جديد في هذا المجال، وأن يتمتع بالقدرة على الإبداع والتفكير بشكل مبتكر.
وتضيف الزعابي: «لا يمكن أن يصبح كل من يشاء متحدثاً تحفيزياً أو مدرباً للتنمية البشرية ولا يمكن أن تصبح مهنة من لا مهنة له، فلابد أن يكون العلم والأمانة والصدق والسيرة الذاتية و الخبرة هي الأساس».


مؤشر لنمو المجتمعات


ظهر مفهوم التنمية البشرية بالعالم عقب الحرب العالمية الثانية؛ حيث كانت التحديات كبيرة في معظم المجتمعات التي خرجت من الحرب ثم تحررت من الاستعمار فكان لزاماً على حكوماتها أن تهتم بتقديم أفضل رعاية صحية وتعليمية واجتماعية ممكنة لمواطنيها حتى تستطيع القيام بقفزات متتالية من التنمية الشاملة بالمجتمع. فتبنت هذه النوعية من البرامج؛ لدعم البشر وتخليصهم من التوتر وتحفيز قدراتهم على العمل والتطور والإنتاج.
في التسعينات من القرن العشرين حاولت التنمية البشرية ملء الفراغ الروحي، الذي عانته المجتمعات، وهي تتوجه نحو «ميكنة» كل شيء، وسيطرة القيم المادية والقوالب النمطية عليها، وسعت التنمية البشرية إلى تقديم معنى لوجود الإنسان، وقدراته؛ من خلال تحفيزه للقيام بدوره تجاه ذاته وتطويرها، والانتماء لمجتمعه وتفعيل دوره به، ومساعدة البشر من حوله.
وابتداءً من منتصف التسعينات أصبحت التنمية البشرية واحدة من المعايير التي تعتمدها الأمم المتحدة مؤشراً على نمو المجتمعات، وبدأت في إصدار مقياس يؤكد أن التنمية البشرية توسع نطاق القدرات إلى أقصى حد ممكن، وتوظيفها في جميع الميادين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"