دبي في عين العاصفة.. استثنائية قياسية رائدة

23:04 مساء
قراءة 3 دقائق

د. مهند وادية *

«عند الشدائد تُعرف معادن الرجال»، هكذا ينص المثل، وبالمثل تُظهر الشدائد جوهر المدن والأمم. دبي، بروحها العريقة، تعكس هذه الحقيقة من خلال استجابتها النموذجية وقدرتها على الثبات أمام التحديات الطبيعية القاسية.

وشهدت دبي والإمارات العربية المتحدة بشكل عام هطول أمطار غزيرة غير مسبوقة، وُصفت بأنها الأثقل منذ 75 عاماً.

في بعض المناطق، تجاوزت كميات الأمطار التي سُجلت أكثر من 250 ملم (حوالي 10 بوصات) خلال أقل من 24 ساعة. هذه الكمية من الأمطار، التي أدت إلى فيضان الشوارع وتعطل الحياة اليومية، لم تُرصد في الدولة منذ بداية تسجيل البيانات الجوية في عام 1949. لوضع هذه الأحداث في سياق، خلال فترة شديدة التأثير، هطل 100 ملم (قرابة 4 بوصات) من الأمطار على مدار 12 ساعة فقط في يوم، وهو ما يعادل تقريباً ما تسجله دبي في عام كامل، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

في المقابل، تشهد المملكة المتحدة مناخاً أكثر اعتدالاً مع تباين كبير في متوسط كميات الأمطار السنوية عبر مناطقها المختلفة. على سبيل المثال، تتلقى المناطق الجنوبية الشرقية من إنجلترا حوالي 600 ملم من الأمطار سنوياً، بينما قد تتجاوز المناطق الجبلية في الشمال الغربي 3000 ملم. الفارق الكبير في كمية الأمطار بين ما شهدته دبي خلال هذه الأحداث الجوية الاستثنائية والكمية السنوية المعتادة في أجزاء مختلفة من المملكة المتحدة، يؤكد استثنائية الوضع الذي واجهته الإمارة.

ووفقاً للمركز الوطني للأرصاد، فإن كمية الأمطار التي سقطت خلال هذه العاصفة فاقت المعدلات الطبيعية بمراحل، ما جعل هذا الحدث استثنائياً ليس فقط بمقاييس الطقس، لكن أيضاً بمقاييس الاستجابة والتعامل مع الأزمات.

وتعاملت السلطات في دبي مع الوضع بمنتهى الكفاءة، حيث تم تفعيل خطط الطوارئ بسرعة لضمان سلامة السكان والحفاظ على البنية التحتية. من بين التدابير التي اتخذت، تسريع وتيرة عمليات الصرف الصحي لتفادي الفيضانات في المناطق الحيوية، وتوجيه السكان بتوخي الحذر واتباع التعليمات الصادرة عبر القنوات الرسمية، وأيضاً تم رسمياً تعليق الدوام قبل دخول العاصفة لزيادة الأمان.

وعلى الرغم من أن العديد من الطرق والمرافق تأثرت بالفيضانات المؤقتة، فإن الاستجابة السريعة من الفرق المعنية وتضافر جهود السكان مع السلطات أسهم في الحد من الأضرار، وسرعان ما عادت الحياة إلى طبيعتها في معظم المناطق.

وكما اعتدنا من الإمارات، تم اتخاذ قرارات لمراجعة البنية التحتية وتحسينها لمواجهة أي أزمات مستقبلية، على الرغم من ندرة مثل هذه الأحداث التي لم تحدث منذ عقود. تسعى الدولة دائماً لتكون في طليعة الاستعداد والتجهيز، حيث يتم الاعتماد على دراسات تحليلية تقيس معدلات الأمطار والمياه على مدار العقد لتحديد قدرة المدن على الاستيعاب. هذه المقاربة، التي تم اتباعها في دبي وتُطبق عالمياً، تُظهر كيف يمكن للتخطيط الدقيق مواجهة الحالات الاستثنائية.

هذه التجربة لم تثبت جدارتها فقط في النهوض والبناء، لكن أيضاً في الصمود والتحدي ومدى جاهزيتها لمواجهة هذه التقلبات. إنها تُعلمنا درساً قيماً حول أهمية الاستعداد للطوارئ وأهمية التعاضد والتكاتف في أوقات الشدائد، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، ولتعزيز الاستعداد والحماية من الأحداث المناخية الاستثنائية، إليكم مجموعة من النصائح المهمة لتحصين المنازل وضمان سلامة أفراد الأسرة:

1- عزز تثبيت النوافذ والأبواب للحماية من الرياح الشديدة ودخول المياه.

2- تأكد من سلامة ونظافة أنظمة الصرف لمنع انسدادها.

3- احتفظ بمواد طوارئ كالمصابيح اليدوية، البطاريات، ومولد كهربائي احتياطي.

4- تابع تحديثات الطقس والتحذيرات الصادرة من السلطات المحلية.

5- قم بتأمين الممتلكات الخارجية والأثاث الحديقة لمنع تطايرها.

6- تحقق من تأمين التأمين على المنزل وتغطيته للكوارث الطبيعية.

7- أعد خطة طوارئ عائلية وتأكد من معرفة الجميع لما يجب فعله.

8- احتفظ بمواد غذائية غير قابلة للتلف ومياه شرب كافية لعدة أيام.

9- راجع قدرة البنية التحتية المحيطة بمنزلك واستعد للتعامل مع التحديات المحتملة.

10- تعرف إلى مواقع الملاجئ والمراكز الطبية القريبة في حال الحاجة إليها.

* المدير التنفيذي لشركة هاربور العقارية.. محاضر معتمد من مؤسسة التنظيم العقاري في دبي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yjx8c8t2

عن الكاتب

المدير التنفيذي لشركة هاربور العقارية.. محاضر معتمد من مؤسسة التنظيم العقاري في دبي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"