عادي

تعرف إلى حنة أرندت فيلسوفة السياسة

20:25 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

صدر عن دار الساقي للنشر ترجمة عربية لكتاب حنة أرندت «إضاءات لفهم الواقع» ترجمة إبراهيم العريس، كانت حنة تتطلع إلى تفهم أحداث «هذا القرن» بشغف عرف طوال سنوات كثيرة كيف يلهم الدارسين والفنانين والكتاب والمثقفين والوجوه العامة وكثيراً من الذين كانوا يقرؤون أعمالها كي يجابهوا دون عواطف أو مراوغة آلام «هذا العالم الذي لا يمكن لجماله أن يكون زائداً عن الحد حتى في أكثر الأوقات حلكة».

تُعرف حنة أرندت في أنحاء العالم بأنها فيلسوفة سياسية، رغم أنها كانت تستنكر هذا التعريف في جزئه الأكبر استنكارها مزاعم وجود فلسفة سياسية أصلاً، ففيما شدد بعض المعلقين على السمات السوسيولوجية والتاريخية لعملها، وآخرون على القيمة الأدبية بل الشاعرية لكتاباتها، يبقى أن ثمة كتابات كثيرة تناولتها بوصفها عالمة سياسة.

وحين اشتهرت وسُئلت أن توصف ما تشتغل عليه، أشارت بتردد إلى مجال عملها بأنه «النظرية» أو «الفكر السياسي»... لقد مُجدت عن صواب، كونها ليبرالية تريد التغيير، ومحافظة تتطلع إلى الاستقرار، كما انتقدت كونها تحمل توقاً لا واقعياً إلى الماضي أو كونها ثورية طوباوية.

* إرث

عاشت حياة نموذجية، غير أن الضوء الذي غمر العالم بفعل تفهمها له، إنما هو السبيل الوحيد لالتقاط لمحة عنها، فهي إذ ولدت في أحضان عائلة ألمانية، ومستقرة بصورة جيدة، عند بداية القرن العشرين، بدت ذكية بصورة باهرة ونالت تعليماً سخياً، وارثة ثقافة غنية عرفت كيف تجسدها بعدد من الطرق.

كانت لا تزال شابة ولم تكن من المثقفين المحترفين الذين كان يمكنهم مغادرة ألمانيا إلى بلد أكثر تحرراً ليواصلوا العمل فيه في مجال دراستهم، ثم إنها انجذبت إلى تلك السهولة التي اختار بها عدد من أعضاء الجماعة المثقفة السباحة مع، وليس ضد تيار النازية، أو اختاروا ألا يخرجوا من ذلك المسار، والحقيقة أن شيئا من قلة الثقة بتوجه المثقفين لترك أنفسهم ينغمرون في التيارات السياسية في أي اتجاه، ظل يرافقها طوال حياتها.

لاحظت أرندت مرة أنها لم «تولد» كاتبة، بمعنى أنها لم تكن واحدة من أولئك «الذين كانوا منذ بداية وجودهم، ومنذ صباهم الباكر، يعرفون أن ذلك ما كانوا يريدون أن يكونوه أن يصبح الواحد منهم كاتباً أو فناناً» وقالت إنها صارت كاتبة ب «المصادفة» بمصادفة تلك الأحداث الاستثنائية التي عرفها هذا القرن.

كانت تعني أنها، بعيداً من مسألة الاختيار، لم تكن قادرة على منع نفسها من محاولة فهم التوتاليتارية والحكم عليها أي بكلمات أخرى عقلها كان الذي أملى عليها النشاط الذي تكيف لديها بفعل انسحابها من العالم الذي كان عند نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات يعيش فوراناً سياسياً.

* كلمات

محتويات هذا الكتاب «إضاءات لفهم الواقع» تم استخلاصها من مجموع دراسات ومحاضرات لها، لم يسبق أن جمعت أو نشرت، ما يعني أننا هنا أمام كتاب لم تكن تعبر أبداً عن اهتمامها بنشره، هي كلماتها لكن الشكل النهائي للكتاب جاء ترتيبه إلى حد كبير زمنياً.

تركت حنة أرندت معظم ملكيتها الأدبية في عهدة مكتبة الكونجرس، حيث تشغل مساحة من الرفوف، وتملأ أكثر من تسعين صندوقاً تحتوي ما يقارب ثمانية وعشرين ألف مادة، وتضم هذه المواد أوراقاً عائلية ووثائق شخصية، ومراسلات كثيفة عامة تبادلتها مع أفراد ومنظمات وجامعات وناشرين، وملاحظاتن ومقالات صحافية، ومسودات مخطوطات، وتقريبا في نحو أربعين صندوقا ملاحظات وقصائد ومقالات ومراجعات كتب وخطب ومحاضرات ومقالات مكتوبة بخط اليد أو على الآلة الكاتبة أو مطبوعة، ويعود أول هذه الكتابات إلى 1925، حين كانت حنة أرندت في التاسعة عشرة، أما آخرها، فإلى 1975 الذي رحلت فيه، أما الجزء الأكبر منها، فيعود إلى المرحلة التي تلت هجرتها إلى الولايات المتحدة في ١٩٤١.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"