تكرار المطالبة بتفعيل مجالس الإدارة

04:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
لو كانت لإدارة الشركات العامة، في القطاعين العام والخاص، مجالس ادارة ذات تفعيل إيجابي، لما حدث ما حدث من سوء تصرف وسوء ادارة من قبل المديرين العامين أو رؤساء هذه الشركات أو كبار موظفيها، وقلنا ذلك وقال غيرنا في مناسبات عديدة . . قد يقول قائل إن هناك مجالس ادارة ذات رقابة جيدة، ومع ذلك يحصل في شركاتها تصرفات سيئة في بعض الأحيان، عندنا وعند غيرنا في بلدان أخرى، والجواب أن ذلك صحيح ولكن في اضيق الحدود، إلا إذا كان مجلس الادارة صورياً أو أعضاؤه همهم أن يحصلوا على المكافآت الكبيرة التي يرصدها لهم مسؤولو الادارة التي تتبعها تلك المجالس أو يحصلوا على تسهيلات ائتمانية غير عادية في البنوك والبيوت المالية على سبيل المثال . . ولا بد لنا أن نعرف ونعي أن المجتمعات المتقدمة التي ابتكرت فكرة مجالس ادارة رقابية على المؤسسات والشركات العامة ووضعتها موضع التنفيذ، لم يكن ابتكارها هذا عبثياً وترفياً، وإنما جاء الابتكار والتنفيذ من أجل ضرورة قصوى لا مناص منها، ومن أجل أن تسير الأمور الحياتية اليومية للانسان بشكل سليم، ومن أجل التضييق على الفاسدين الذين ينتهزون أي فرصة للعبث بالمال العام أو ما يقع ضمن نفوذهم من ادارة وأموال .

وما من شك أن هناك مسؤولين اداريين في أي مجتمع، تنأى بهم ضمائرهم واخلاقياتهم العالية من الدنو للخطأ والسوء، ولكن المشرع للقوانين والتشريعات والتنظيمات المتعلقة بالاجهزة الرقابية ومنها مجالس الادارات، رأى أن الرقابة أمر لا بد من وجوده . . وأن الانسان في كثير من الحالات يتعرض لحالات نفسية من الضعف تجعله يقع فريسة للمغريات المادية خاصة اذا كان الطريق أمامه ممهداً لكي يعمل ما يشاء دون وازع من رقابة جماعية مسؤولة . .

وليس من المستغرب أن تكون الاجهزة الرقابية مهملة أو تقع هي بدورها فريسة للمغريات كما هو الحال في بعض مجالس ادارة المؤسسات، ولكن ذلك يكون من النادر إلا اذا كانت الرقابة فردية ومن داخل المؤسسة نفسها . . أما مجالس الإدارة التي تتكون من اعضاء محايدين ومشهود لهم بالعدالة، فإن أي تواطؤ منهم على الخطأ يكون في حكم المستحيل . .

وقد تعلمت شخصياً من حضوري في بعض مجالس الادارة أن الخشية التي يوجسها المسؤول الاداري المباشر من المساءلة عامل هام يمنع من الانحراف ويقي المؤسسة من كثير من الهزات التي تعرضت ويتعرض لها البعض من المؤسسات والشركات، وأن العلاقات الودية بين عضو مجلس الادارة والمسؤول الاداري تأتي في كثير من الأحيان على حساب المؤسسة وأوضاعها العامة . .

وهنا لا بد لنا من تكرار الدعوة إلى الاهتمام بتفعيل المجالس الرقابية، (مجالس الإدارة وما شابهها)، ونؤكد أن المؤسسات التي تعاني من الخلل سوف يؤول أمرها إلى الحسن اذا تم لها مجالس رقابية من أناس لا يتوانون من أن يسموا الحق حقاً والباطل باطلاً . .

ومن الضروري وضع تشريع يحمّل عضو مجلس الادارة المسؤولية التامة عما يقع من خطأ مقصود في المؤسسة التي هو عضو فيها وألا تكون هناك مجاملات ومحسوبيات على حساب المصلحة العامة . . ولا بد في النهاية من طرح سؤال، وهو لماذا يعترض المسؤول الإداري، رئيساً كان أم مديراً على ترشيح شخص ما، لعضوية مجلس الادارة ؟! ولماذا يحاول أن يسمي اشخاصاً بديلين هم موضع قبوله وثقته، والجواب في غاية البساطة وهو أن المصلحة الشخصية تقتضي ذلك وهذه المصلحة هي التي تملي الانحيازية!!

agh@corys .ae

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"