حروب العام الأخير

19:33 مساء
قراءة دقيقتين
خطاب حال الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الأمريكي جورج بوش، وهو الأخير في ولايته في انتظار رئيس آخر وخطاب آخر في مثل هذه الأيام من العام المقبل، يبقى الحال على ما هو عليه، برغم ما تعانيه الولايات المتحدة من مآزق، في الداخل وفي الخارج، انحدرت بالتأييد الشعبي الأمريكي لهذه الإدارة الى أدنى مستوياته، وهو 30 في المائة.الرئيس بوش اعترف بأن الاقتصاد الأمريكي يواجه مرحلة قلق حسب تعبيره، وهو يواجه خطر انكماش يثير الذعر عالمياً، حسب الخبراء والمختصين، لأن هذه الإدارة حولته الى اقتصاد حرب، ومع ذلك فإن بين ثنايا خطاب الاتحاد الكثير من الحروب المستمرة والحروب الموعودة، ما يعني أن البيت الأبيض ماض حتى الرمق الأخير في استراتيجيته الحربية، خصوصاً في ما يسمى الشرق الأوسط الكبير.لغة الحرب موجودة في الحديث عن العراق، وعلى الرغم من حديث بوش عن مكاسب حققها، إلا أنه استبعد أي انسحاب متسرع، وفي الوقت نفسه توقع قتالاً ضارياً مقبلاً ما يدفع إلى وضع الأيدي على القلوب، لما سيحمله هذا الوعد من كوارث ومآس جديدة للعراقيين خصوصاً وللمنطقة العربية عموماً.ولغة الحرب موجودة في الحديث عن إيران، بوش يدعو طهران إلى وقف تخصيب اليورانيوم، ويوجه بإصلاح سياسي داخلي، ووقف دعم الإرهاب. ثلاثة مطالب يجب تحقيقها وإلا فإن أمريكا قد تلجأ إلى الحرب، وكلام بوش صريح عليكم أن تعلموا، قبل كل شيء، أن الولايات المتحدة ستواجه الذين يهددون قواتها وستقف إلى جانب حلفائها وستدافع عن مصالحها الحيوية.ولغة الحرب، بالواسطة، موجودة في الحديث عن التسوية، كرر بوش الحديث عن الدولتين، وعن اتفاق سلام قبل نهاية ولايته، واعتبر الجهود لإنهاء النزاع جزءاً من الحرب التي تشنها أمريكا على الإرهاب، مطلقاً التهديد والوعيد لما يسميه قوى التطرف.الحرب، الحرب، الحرب، هكذا بدأ بوش عهده، وهكذا ينهيه، في عالم لا مكان فيه لشرعية دولية وحقوق انسان وحدود أوطان، لكأن هذا العالم لم يكفه إلى الآن ما شهده من ترويع ومن كوارث وضحايا منذ مطلع هذه الألفية الى الآن.والكارثي أن بوش، في خطاب حال الاتحاد، لا يتغير ولا يتبدل، برغم ما جره على أمريكا وصدقيتها واقتصادها وتأثيرها ونفوذها من سلبيات، جعلت الأمريكيين، في معظمهم، ينأون عنه، وعن إدارته وقد يحاسبونه بإبعاد حزبه عن الحكم في الانتخابات.والكل ينتظر من الآن مرور هذا العام في انتظار عهد آخر وخطاب آخر وحال اتحاد آخر.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"