لو كانت «كورونا» امرأة لقتلتها

03:57 صباحا
قراءة دقيقتين
يوسف أبو لوز

.. ولكنها، ليست امرأة، إنها سيارة يابانية كان الإقبال عليها ملحوظاً في ثمانينات القرن العشرين. سيارة «كورونا» من عائلة «تويوتا»: «كورولا»، و«كريسيدا»، و«كراون». ويبدو أن بعض هذه الأنواع من السيارات قد اختفى اليوم، لتحلّ محلّه أنواع جديدة، ولكن على نحو ما صارت «كورونا» سيّارة من نوع آخر. من آسيا إلى الشرق الأوسط إلى أوروبا، والغريب أن لا حالات لهذا الفيروس، أو أنها حالات قليلة في إفريقيا.
وبما أن إيقاع الاسم يصيب إيقاع الاسم الآخر، ف«كورونا» له اسم طبي آخر كما يعرف العالم كلّه الآن وهو «كوفيد 19»، الإيقاع الذي يستدعي إليك «كيوبيد»، وفي الموسوعة الحرّة كما هو في كتب الأساطير هو ابن الآلهة فينوس. يحمل السهم دائماً، ووجهه جميل، ومن يصبه سهمه يقع في الحب. «كيوبيد» طفل على شكل ملاك له جناحان، ولكن «كوفيد 19» فيروس على شكل شيطان، واسمه المؤنث «كورونا»، المرأة الفيروسية العالقة الآن في أزرار المصاعد، وفي مقابض الأبواب والسيارات والثياب والخشب. فيروس كيوبيدي كبّد العالم خسائر بمليارات الدولارات، نشر الذعر أو جعل من الخوف شعوراً عالمياً أو إنسانياً مثل الحب مثلاً. الحب في زمن الكوليرا، والحب في زمن «كورونا». وله خصيصة أو اثنتان اليوم. أولاً جعل العالم مُعَقّماً، وثانياً أخذ البعض إلى العزلة أو العزل. ولا فرق طالما أن الإنسان يعود إلى ذاته الفردية، ويصبح مخيفاً حتى لأهله، فينبغي عزله.
«كورونا» ليست رجلاً ولا امرأة لنقتلهما ونرتاح. الأرجح أنه زمن فيروسي عابر للقارات، وعابر في الزمن. أيام قليلة ويتبخّر هذا المرض الذي لم يجر الاتفاق عليه حتى عالمياً فيما إذا كان مرضاً أم وباءً. ثم، وما الفرق الجوهري، فالمرض يقتل، وكذلك الوباء؟
ولكن، إلى أية درجة من العزلة سيصبح الإنسان غريباً ووحيداً، إذا ظهر وباء آخر تنتقل عدواه من خلال الصوت في الهاتف أو في أي نوع آخر من الأجهزة؟ مكالمة صغيرة مع أحد أصدقائك في آخر الأرض، وإذ بك تنقل إليه عدوى «كورونا» جديدة متخّيلة، أو هو ينقلها إليك.
الخيال أو المخيّلة هي أحياناً مربط الفرس أو مربط الفيروس، فقبل أيام تحدثت تقارير صحفية عن رواية صدرت في عام 1981 بعنوان «عيون الظلام» للكاتب الأمريكي دين كونتز تتحدّث عن مختبر عسكري صيني، وأن هذا المختبر، كما في الرواية، أنتج فيروساً غامضاً يصيب الجهاز التنفسي كجزء من برنامج للأسلحة البيولوجية. ومن غرائب المصادفات، كما جاء في الخبر، أن المختبر الذي تتحدث عنه الرواية يقع على بُعد 22 كيلومتراً فقط من مركز تفشي كورونا في مدينة ووهان الصينية قبل أكثر من شهرين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"