أين تكون الجنة والنار؟

02:31 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

الجنة والنار من الأمور الغيبية ويجب على المؤمن أن يؤمن بهما من غير الخوض في التفاصيل التي قد لا يستوعبها العقل البشري، لكن مع ذلك فلا يمنع أن نقدم شرحاً لذلك في حدود الوارد.
فإذا أردتم الاختصار في الإيضاح فإليكم الحديث الذي رواه الحاكم في مسنده عن عبدالله بن سلام -رضي الله عنه- قال: «إن الجنة في السماء، وإن النار في الأرض»، (صححه الحاكم ووافقه الذهبي).
وإذا أردتم التفصيل فالأحاديث كثيرة وكلام العلماء حولها كثير أيضاً، لكنه لا يخرج عن هذا الإطار، ومن أراد أن يقرأ أحاديث الجنة والنار فبإمكانه أن يرجع إلى كتابين مهمين هما: «النهاية» لابن كثير، و«حادي الأرواح» لابن القيم وغيرهما الكثير.
وقد ذكر ابن القيم رواية ابن منده المتصلة بأبي الزعراء عن عبدالله قال: «الجنة في السماء الرابعة، فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث يشاء، والنار في الأرض السابعة فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث يشاء»، (انظر حادي الأرواح ص 67).
ومن معتقدات أهل السنة والجماعة، أن الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان الآن، ومكان الجنة فوق السماء السابعة وتحت عرش الرحمن، وأن النار في مكان يعلمه الله، والرسول رآهما بعينيه، وخلق الله -تعالى- لكل منهما أهلاً، وأن لكل واحد في الدنيا منزلين أحدهما في الجنة والآخر في النار، ثم حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات.
والأهم من ذلك أن الجنة والنار خالدتان لا تفنيان، وأنهما عظيمتان جداً وكبيرتان جداً، وقد ثبت هذا بصريح الآيات والأحاديث الصحيحة.
والدليل على أنهما موجودتان قوله تعالى: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ»، (الآية 133 من سورة آل عمران).
وقوله تعالى أيضاً: «وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ»، (الآية 131 من سورة آل عمران».
والدليل على أن الجنة موجودة الآن فوق السماء السابعة قوله تعالى: «عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى»، (الآية 14-15 من سورة النجم).
والنار في مكان يعلمه الله قال -تعالى-: «كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ»، (الآيات 7-9 من سورة المطففين).
إذن لم يحدد القرآن الكريم مكان النار إلا أنها موجودة، والدليل على أن الله -تعالى- منذ الأزل خلق لكل منهما أهلاً حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (قال النبي: يا عائشة إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلاً، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم)، (رواه مسلم) والأحاديث كثيرة.
وفي سنن أبي داوود وابن ماجة والنسائي أن أهل الجنة والنار معلومون بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم وأنهم مكتوبون في كتاب من عند رب العالمين.
والدليل على أن لكل منا منزلاً في الجنة ومنزلاً في النار قول الرسول صلى الله عليه وسلم: [ما منكم من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار، فإذا مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله]، وذلك قوله تعالى: «أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ»، (رواه ابن ماجه وأورده الألباني في الأحاديث الصحيحة).
والدليل على أن الجنة والنار خالدتان حديث: [يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت]، (رواه البخاري ومسلم).
وفي هذا الحديث أنه عندئذ يؤتى بالموت فيذبح أمام أهل الجنة وأهل النار، فإذا ثبت خلود أهل الجنة والنار فإن خلود الجنة والنار لا يحتاج إلى إثبات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"