عادي

تعرف إلى الجنون الأدبي في الكتابة النسائية

20:39 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

تؤكد د. شهد الشمري في كتابها «خطاب الجنون والأدب» أن النساء تمتعن بسلطة معينة على مقاومة الأيديولوجيات، التي تعمل باستمرار على إعادة إخضاعهن، الكتاب عن الجنون الأدبي في الكتابة النسائية في بريطانيا وما بعد الاستعمار، ويهدف إلى التحقيق في التمثيلات الأدبية لشخصيات نسائية، يعترضن على مجتمعاتهن.

حينما نفكر في شخصية «المرأة المجنونة» فإننا نتذكر على الفور المرأة، التي تطارد جين آير في كتاب شارلوت برونتي، بمعنى ما هو النموذج الأولي لشخصية المرأة المجنونة، ويتناول هذا الكتاب تمثيلات ومعاني أخرى للمرأة المجنونة، باستخدام نموذج برونتي الأولي، الذي حدث في العصر الفكتوري، كنقطة انطلاق.

تقول الشمري: «إنني أدرس تجارب أخرى لجنون الإناث من خلال وضع المرأة المجنونة الفيكتورية جنباً إلى جنب مع المرأة المجنونة في ما بعد الاستعمار، من خلال وضع الشرق والغرب جنباً إلى جنب، ومحاولة إزاحة الانقسام الذي يفصل بينهما».

تشترك النساء الشرقيات ونساء المستعمرات في القهر عينه، الذي تعانيه النساء الغربيات.

يستند الكتاب إلى التحليلات التي تؤكد على الطرائق، التي يتخطى بها المجاز اللغوي للمرأة المجنونة الحدود الوطنية والأدبية، ما ينشأ بدلاً من الانقسام بين المرأة الغربية المجنونة والمرأة الشرقية المجنونة، هو جسر يتيح التواصل، ويعمل بمنزلة تذكير بالتجربة الأنثوية المشتركة، وهي تجربة ناتجة عن أيديولوجيات الإمبراطورية البريطانية، والعلاقات الاستعمارية مع الآخر، والقمع داخل المساحة الأسرية.

*مقاربة

يتخذ الكتاب مقاربة نسوية عابرة للحدود، مع التركيز على إقامة روابط مشتركة بين النصوص الأدبية ومظاهر إخضاع الإناث، عبر الحدود والثقافات الوطنية، وهنا توضح الكاتبة: «إن شبكة النصوص التي اخترتها تعمل معاً من أجل التأكيد على القواسم المشتركة بين البشر بدلاً من الاختلاف من خلال قراءة هذه النصوص على أنها مترابطة ومتوازية، بعضها مع بعض، فقد فككت البنى المعارضة في الشرق والغرب، والنساء الشرقيات مقابل النساء الغربيات».

وتوضح أن هناك قمعاً مشتركاً عبر الحدود، وتتحدى هذه القواسم المشتركة الفكر ثنائي التفرع، الذي فصل ورفع الغرب والمرأة الغربية، منذ الاستعمار والإمبريالية، فوق نظيرتها الشرقية.

لا تختلف المرأة المجنونة الفيكتورية المسجونة تماماً عن المرأة المجنونة ما بعد الاستعمار، حبيسة المنزل البرجوازي فهي في الأخرى حبيسة غرفة، أو مصحة، والأهم من ذلك، فضاء الحبس الذي يعد نتيجة لكل من الاستعمار والنظام الأبوي.

عوملت النساء بوصفهن مختلفات إبان التاريخ عبر حدود وطنية وجغرافية وثقافية مختلفة، والمعاملة، على أنهن مختلفات، كتبت نفسها في أذهان النساء، بغض النظر عن العرق أو الثقافة أو الطبقة الاجتماعية، على هذا النحو يختبر الجنون طبقات مختلفة من النساء، وثقافات وطرائق مختلفة بوساطة نساء مختلفات، في اختلافهن، يوجد تماثل.

تتناول فصول هذا الكتاب مجموعة مختارة من النصوص من فترات أدبية مختلفة، وثقافات مختلفة، ومؤلفات من خلفيات مختلفة، وتدرس النصوص تجربة المرأة المجنونة، وتعيد التحقيق في هذا النموذج، وتعيد ابتكاره من أجل تضمين تجارب المرأة الأخرى، مع التركيز على الثقافات المختلفة وفضاءات الحبس.

*تجربة

تقول الشمري: «اختيرت هذه النصوص على أساس أن النصوص جميعها كتبتها نساء، وتركز على تجربة أنثوية بحتة في العيش، وبالطبع تجربة الجنون والإقصاء، وتتعامل الروايات التي اخترتها مع أنواع مختلفة من الجنون والإعاقة، كما تصور في الأدب».

كيف يصور الكتاب المرأة المجنونة؟ لم يحكم عليها، كما هي الحال في رواية «جين آير» لشارلوت برونتي، بل هي كيان دائم الحركة، في حالة وجود وصيرورة على الدوام، إنها امرأة غربية، وشرقية، ومستعمرة، امرأة من العصر الفيكتوري، ابنة، زوجة، أم.

توجد توترات متعددة يجب التوفيق بينها داخل البيئات المتقلبة للنساء المجنونات، ووعيهن الداخلي، إن البطلات لسن طبيعيات على أي نحو من الأنحاء، إذ إنهن مختلفات، وبلغت نهاياتهن الذروة في الجنون أو الموت، تستخدم الكاتبات هذه الاستراتيجية النصية لتوظيف الجنون بغية التحدث علانية ضد كل من السلطة الأبوية والإمبراطورية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc82m85p

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"