الاشتراك في الأضاحي

والأضحية سنة في حق الأحياء، حيث أنهم يضحون عن أنفسهم وأهليهم وأولادهم غير المتزوجين، ولا يُضحى عن الأموات، ومن قال بأنه يضحي عن الميت فقد أفتى بغير علم.
نعم... ذكر العلماء بأنه يجوز أن يضحي عن أمواته تبعاً للأحياء، فيقول عندما ينوي: نويت أن أضحي عن نفسي وعن أهل بيتي، ولا بأس أن ينوي الأحياء والأموات، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.
أو أنه يضحي عن الأموات تنفيذاً لوصاياهم، وهذا مشروع أيضاً لأن الله تعالى يقول: «فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم». (الآية 181 من سورة البقرة).
ويقول الحنابلة بجواز التضحية عن الميت تبرعاً، وثوابها يصل إلى الميت قياساً على الصدقة، ولا يصح تخصيص الميت بالأضحية.
والأصل في الأضاحي أن يضحي الرجل عن نفسه، وعن أهل بيته بشاة أو بعير أو بقرة، وبالشروط التي بينها الفقهاء في كتبهم.
فالرسول ،صلى الله عليه وسلم، كما ورد في حديث عائشة ،رضي الله تعالى عنها، أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية، ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم استعد للذبح، فقال بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد ثم ضحى به (رواه مسلم).
فمثل ما يجوز أن يضحي بشاة عن نفسه وعن أهل بيته، يجوز أن يضحي ببعير أو بقرة، وينوي كما قلنا عن أحيائه وأمواته معاً من غير تخصيص.
كما يجوز له أن يشترك في السُبع من الإبل أو البقر، لأن الإبل والبقر يجوز في الشرع أن يشترك فيهما سبعة أشخاص.
فلو اشترك في سُبع بعير أو سُبع بقرة، ونوى أن يضحي عن نفسه وعن أهل بيته، جاز ذلك أيضاً، لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، جعل السُبع قائماً مقام الشاة الواحدة في الهدي، وفي الأضحية جاز قياساً على الهدي.
وإذا قلنا بجواز البعير أو البقر عن سُبع، فإنه لا يجوز أن يشترك اثنان في شاة، ولا يجوز أيضاً أن يشترك أكثر من سبعة في بعير أو بقر، لأن كل ذلك خلاف لما ورد في السنة، والعبادات توقيفية، ولا يؤخذ فيها بالرأي.
ونؤكد مرة أخرى بأن الأضاحي من العبادات، والأمور التعبدية يجب على الإنسان أن يقوم بها بنفسه كالصلاة والصوم والحج، لكن للضرورة أحكام.
وفي الأضاحي من السنة أن يذبحها بنفسه إن كان يحسن الذبح، أو يحضر عند الذبح، حتى لو كان الذبح آلياً في المقاصب كما هي الحال الآن في دبي.
لكن مع ذلك يجوز له أن يوكل من يذبح عنه أضحيته، والعلماء يفضلون ألا تنقل الأضاحي إلى خارج البلد، بل تذبح أمامه، لأن الدين شعائر، ومطلوب من المسلم أن يحضر بنفسه هذه الشعائر.
وفي الأضاحي معنى آخر غير توزيع اللحم، فالله تعالى يقول: «لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم» (الآية 37 من سورة الحج)
والأضاحي تذبح في وقتها أي بعد صلاة العيد مباشرة، وقد قال، عليه الصلاة والسلام، فيمن ذبح قبل صلاة العيد أي قبل وقت الذبح: «فإنما هو لحم قدمه لأهله»، أي لم تتوافر فيه المعاني التعبدية.