الزواج بالثانية بإذن الأولى؟

03:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
عالم متجدد

فهم الكثيرون من الناس أو الكثيرات من النساء، أن الرجل لا يصح زواجه بالثانية إلا إذا كان بإذن من الزوجة الأولى.

وقد بني قانون الأحوال الشخصية في بعض البلدان على هذا المفهوم، فقال القانون: «على الزوج إبلاغ زوجته بموجب إخطار رسمي يرسله المأذون، ويترتب على عدم إعمال هذا الشرط حق الزوجة الأولى في طلب الطلاق».
لكن لو رجعنا إلى نصوص الشريعة الإسلامية لوجدنا أن الزواج بالثانية، لا يشترط فيه علم الزوجة الأولى، ولا إعلامها كتابياً، ولا إذنها، ولا يشترط رضاها، لأن الزواج مثنى وثلاث ورباع، حق شرعي للزوج قرره القرآن الكريم.
وإنما الذي اشترطه القرآن الكريم، وقرره الفقهاء في كتبهم، هو العدل بين الزوجات في النفقة والمبيت والسكنى، وعدم الميل إلى واحدة منهن على حساب الأخرى.
ولا اعتبار للميل القلبي الذي لا إرادة للزوج فيه، وقد كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يقول: «اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، ولا تؤاخذني فيما لا أملك» ويقصد الميل القلبي.
ما يحصل اليوم أن الزوجة بمجرد علمها بأن زوجها تزوج عليها، تقوم وتعلن التمرد عليه، وتطالب بورقة طلاقها، وهذا يعد مخالفاً للشرع، وتعد مثل هذه الزوجة ناشزة، وفي الحديث أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة» (رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجه).
وبما أن النساء اليوم لا يرضين بأن يتزوج عليهن أزواجهن، فإن بعض الرجال لا يملكون الشجاعة الكافية فيتزوج الواحد منهم الثانية سرّاً من غير أن يخبر الأولى، فتعتقد بعض النساء أن مثل هذا الزواج غير صحيح لسببين: أحدهما أنه لم يخبر الأولى ولم يستأذنها، والثاني أنه تزوج سرّاً ونكاح السرّ باطل.
لكني أقول: نكاح السر يكون باطلاً عندما لا تتوافر فيه الأركان الأساسية التي هي الإيجاب والقبول (الزواج الزوجة الولي الشاهدان).
أما إذا توافرت هذه الشروط فلم يعد سرياً، وتكفي شهادة الشاهدين، ولذلك فإن زواج المسيار وهو زواج قد لا تعلم به الزوجة الأولى إلا بعد فترة، هو نكاح شرعي صحيح.
وقد حرّم الشرع نكاح السرّ، لأنه يترتب عليه ضياع الحقوق، فالدوائر الرسمية والقضاء لا يعترفان بالزواج، إذا لم يكن موثقاً رسمياً من المحاكم.
أما إذا تم العقد وتم توثيقه من الجهات القضائية الرسمية، فلا يعدّ سرّاً حتى لو بقيا سنوات من دون أن يعلم بهما أحد.
وينبغي أن نفرق بين ما إذا طلبت الزوجة الأولى الطلاق بمجرد علمها بالزواج الثاني، وبين أن تكون هي قد اشترطت في ورقة عقد زواجها، ألا يتزوّج عليها زوجها إلا بإذنها ورضاها.
ففي الحالة الأولى لا حق لها في الاعتراض على زواجه من الثانية، لأن الله تعالى أباح له ذلك.
وفي الحالة الثانية فإن المسلمين عند شروطهم، فإذا اشترطت الزوجة على زوجها ألا يتزوّج عليها إلا بإذنها فإن لها ذلك طالما أن الزوج قبل بهذا الشرط، ومثل هذا الطلب من الزوجة الأولى يسمى حق الفسخ.
ففي «المغني» لابن قدامة الحنبلي «ج7 ص 71»: «الشروط في النكاح تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها ما يلزم الوفاء به وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته مثل أن تشترط ألا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها أو لا يتزوج عليها، فهذا يلزمه الوفاء لها به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح»، وفي الحديث «أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج» (رواه البخاري)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"