بايدن.. راضياً أم مكرهاً؟

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

في كلمته من البيت البيضاوي أمس الأول، حاول جو بايدن أن يظهر في صورة الزعيم المسؤول الذي يدرك من تلقاء نفسه، وباختياره طوعاً، أن عليه الانسحاب من السباق الانتخابي الرئاسي القادم ممثلاً لحزبه، مفسحاً المجال لنائبته كامالا هاريس، لتمثيل الحزب في تلك الانتخابات. وفق تعبيرات بايدن في تلك الكلمة، فإن «الدفاع عن الديمقراطية أهم من أي لقب. لقد قررتُ أن أفضل طريقة للمضي قدماً هي تمرير الشعلة إلى جيل جديد، هذه هي أفضل طريقة لتوحيد أمتنا».

كلام يمكن وصفه بالمسؤول، لكن يعيبه أنه جاء متأخراً، ولم يأت عن قناعة نشأت لدى قائله بعدم الترشح، وإنما نتيجة ضغوط كبيرة مارسها عليه أبرز وجوه حزبه، وفي مقدمتهم زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، ورئيسة مجلس النواب السابقة، نانسي بيلوسي، وحتى الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي يتمتع بتأثير كبير في الحزب، خرج عن صمته حيال هذا الموضوع قائلاً إن على بايدن إعادة النظر في ترشحه.

رغم زعم بايدن في كلمته أنه اتضح له «في الأسابيع الأخيرة، أنه حان الوقت لكي تكون هناك أصوات جديدة، أصوات أشخاص أصغر سناً»، فإنه وحتى قبيل ساعات من نشره إعلان انسحابه، كانت تصريحاته هو وفريقه الانتخابي والدائرة المقربة منه تؤكد مضيّه في الترشح رغم أدائه الباعث على السخرية في مناظرته مع دونالد ترامب، التي أوقعت الديمقراطيين في حرج كبير أمام قاعدتهم الانتخابية، وتلا ذلك الهفوات في أحاديثه أثناء قمة «الناتو» الأخيرة في أمريكا، رغم محاولته تبديد الانطباع السيئ عن أدائه في المناظرة، خاصة حين قدّم رئيس أوكرانيا زيلينسكي باسم الخصم اللدود الرئيس الروسي بوتين، فبدا كما لو أن شبح بوتين يلاحقه في وعيه ولا وعيه، ثم أتت محاولة اغتيال ترامب لتكون بمثابة «القشّة التي قصمت ظهر البعير».

وحتى بعد إعلان انسحابه، نقلت شبكة «إن بي سي نيوز» الأمريكية عن مصادر لم تسمها، قولها إن بايدن يشعر ب «الخيانة» من الديمقراطيين، وبأن حزبه تخلى عنه، وأنه «غاضب» من هذا الشأن. وقال أحد المصادر: «هل يمكننا أن نتذكر لدقيقة واحدة أن هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون دفع جو بايدن للخروج هم نفس الأشخاص الذين قدموا لنا دونالد ترامب حرفياً؟»، في إشارة إلى ما يعتبره بايدن «خذلانات» سابقة له، حين دفع كل من أوباما وبيلوسي وشومر في العام 2015 بايدن جانباً لصالح هيلاري كلينتون، التي خسرت السباق أمام ترامب.

تنفس الديمقراطيون الصعداء بعد انسحاب بايدن، وأعاد المانحون ضخّ أموالهم لصالح هاريس، لكن ذلك لا يعني أن الطريق أمامها معبّد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jjzx6uc

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"