الفاسق.. من هو؟

03:13 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

الفسق معناه في اللغة الخروج عن الشيء، والفسق هو الفجور، وهو الخروج عن الطاعة.

- وفي الاصطلاح عرف الفسق بعدة تعريفات، ففي تفسير ابن عطية والقرطبي ورد الفسق بمعنى الخروج من طاعة الله تعالى، سواء خرج بكفر أو خرج بعصيان.
- وفي تفسير الآلوسي: «الفسق الشرعي هو خروج العقلاء عن الطاعة، فيشمل الكفر وما دون الكفر، ولا فرق بين الكبيرة والصغيرة».
وأما في العرف فالفسق هو الكفر وارتكاب المعاصي الكبيرة، ولا يطلق على ارتكاب الصغائر إلا بقرينة (انظر تفسير ابن عطية ج1 ص 155، والقرطبي ج1 ص245، والآلوسي ج 1ص210).
- والفسق ينقسم إلى فسق يخرج عن الإسلام، وفسق لا يخرج عن الإسلام، وقد ذكر محمد بن نصر المروزي أن الفسق فسقان: فسق ينقل من الملة، وفسق لا ينقل من الملة، فالكافر يسمى فاسقاً، والفاسق من المسلمين فاسقاً.
فالفسق الذي يخرج من الملة، هو فسق الكفر وهو المذكور في غالب آيات القرآن الكريم، قال تعالى: «.. إن المنافقين هم الفاسقون» (الآية 67 من سورة التوبة) وقال أيضاً: «ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون» (الآية 99 من سورة البقرة).
- أما الفسق الذي لا يخرج من الملة، فهو فسق الاعتقاد وفسق العمل، وقد ذكر ابن القيم في «مدارج السالكين» (ج1 ص362 ) فسق الاعتقاد فقال إنه فسق أهل البدع «يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ويحرمون ما حرم الله تعالى، ويوجبون ما أوجب الله تعالى، لكن ينفون كثيراً مما أثبت الله ورسوله جهلاً وتأويلاً وتقليداً، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله».
وأما فسق العمل فأمثلته كثيرة، وقد قال الإمام النووي في فتاويه (ص261): «وأما الفسق فيحصل بارتكاب الكبيرة أو بالإصرار على الصغيرة».
- وضابط الكبيرة هو: كل ما فيها حد في الدنيا أو وعيد خاص في الآخرة، والصغيرة ما ليس لها حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة (انظر فتاوى ابن تيمية ج11 ص650، وشرح الطحاوية ج2 ص526، وأضواء البيان للشنقيطي ج7 ص199).
- إذن هذا هو مفهوم الفسق عند أهل السنة والجماعة، وأما من خالفهم من الخوارج والمعتزلة فقالوا غير ذلك، وقد قال الخوارج بتكفير عصاة الموحدين وتخليدهم في النار، وقالت المرجئة: العصاة كاملو الإيمان، وقالت المعتزلة: العصاة في منزلة بين المنزلتين في الدنيا، مع التخليد في النار في الآخرة.
- وبهذا يتبين أن الوسط هم أهل السنة والجماعة الذين يقولون: «إن العصاة هم من المؤمنين، لكنهم ناقصو الإيمان، أو إنهم مؤمنون بإيمانهم، وفاسقون بمعاصيهم، وهم تحت مشيئة الله تعالى في الآخرة، إن شاء عذّبهم بعدله، وإن شاء غفر لهم برحمته».
- ومما ينبغي أن نعلمه يقيناً أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من الحكم بالفسق على شخص من غير بينة، فعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» (رواه البخاري)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"