تمثيل أدوار الصحابة

03:31 صباحا
قراءة دقيقتين
د . عارف الشيخ
مثل هذا العنوان يدخلنا في باب: كلمة حق أريد بها الباطل، لأن التمثيليات اليوم يقال عنها عموماً، إنها فعل مباح، لكنها في النهاية سيف ذو حدين، فالسيف إذا أعطي لمجاهد في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، كان عمله مشروعاً، وإذا أعطي لعدو يعادي المسلمين، كان ذلك محرماً، لأن الذي يساعد على ارتكاب الجريمة كالذي ارتكبها فعلاً .
- ومن هذا القبيل هذه التمثيليات والمسرحيات والأفلام اليوم، حيث إنها تهدف إلى مربح مادي بحت أولاً، ثم إلى أفعال مغرضة أحياناً، إذ باسم التمثيل وحرية الرأي، يساء إلى الذات الإلهية وإلى شخص الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى مقام صحابة الرسول رضي الله تعالى عنهم، وإلى الدين الإسلامي الحنيف عموماً .
- نعم . . التمثيل وسيلة من وسائل التثقيف والتعليم والتوضيح، وربما كان تأثيره أكثر من تأثير الوسائل التقليدية المعروفة، لكن بشرط أن يراعي في التمثيل الصدق والنزاهة وعرض الروايات التاريخية بأمانة، والاعتماد على المصادر الموثوثة .
- وإذا قلنا بالجواز بهذه الشروط، فينبغي ألا يتعدى التمثيل حده، فلا يجوز تمثيل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين، ولا زوجات الرسول أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهم أجمعين، بل ولا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن هؤلاء يمثلون الكمال كله والجمال كله، وبالطبع في نطاق الكمال والجمال البشريين، (ولله المثل الأعلى دائماً) ليس لأحد منا أن يقول: أنا أمثل أدوار هؤلاء، ونحن نعرف من هؤلاء، ومن نحن؟
وبالمناسبة فقد قامت إحدى الممثلات بتمثيل دور إحدى العابدات المعروفات في الإسلام، وقد أجادت تمثيل الدور، فصار الناس بعد ذلك كلما شاهدوا تلك الممثلة ينادونها باسم تلك العابدة . . لماذا؟ لأن صورتها اقترنت مع قصة تلك العابدة في أذهانهم، لكن حصل ذات مرة أن رأوا تلك الممثلة على حقيقتها في فيلم غرامي، وهي تحضن ممثلاً وتمسك بالكأس، فقالوا: كيف تفعل فلانة العابدة هذا؟ حرام يا جماعة حرام .
- من أجل هذا فإننا لا نقول: التمثيل حرام، كما لا نقول: التمثيل حرام على المرأة، ولكن نقول: حرام على الرجل والمرأة أن يمثلا من أجل الشهرة والمال، وألا يتحريا الصدق والنزاهة في عملهما .
وأن يمثلا الرسول والخلفاء الراشدين بل حتى الصحابة الكبار أو العلماء الأعلام الذين كادوا أن يكونوا من الصحابة، ثم يعودا بعد تلك الأدوار الجادة والشريفة، إلى أدوار هابطة ومزرية .
- نعم، التمثيل الحر شيء، والدين المقيد بضوابط الأدب والأخلاق شيء آخر، وقد رأينا كيف توسع الناس اليوم، عندما أفتي لهم بجواز تمثيل أدوار الصحابة والعلماء والقادة العظام .
- مثلوا دور هارون الرشيد فأساؤوا إليه، ومثلوا دور السلطان سليمان القانوني فأساؤوا إليه، ومثلوا دور عمر بن الخطاب فأساؤوا إليه، والآن وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والحرب سجال، فلنتق الله تعالى ولنكن حازمين، فإن "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه" .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"