لماذا آية الكرسي؟

02:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

قال الله تعالى في سورة البقرة (آية الكرسي):

«الله لا إله إلا هو الحيّ القيّوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، وسع كرسيّه السمواتِ والأرض، ولا يؤودُه حفظُهما وهو العليّ العظيم».
هذه الآيات قال عنها المصطفى: «والذي نفسي بيده، إن لها لساناً وشفتين، تقدّس الملك عند ساق العرش» (رواه أحمد)
وقال أيضاً: «لكل شيء سنام، وإن سنام القرآن سورة البقرة، وفيها آية هي سيدة آي القرآن، هي آية الكرسي».
رعى الله أيام زمان، عندما كانت الأمهات يضعن القرآن، أو على الأقل آية الكرسي في منديل، ويعلقنه على سرير الطفل المولود، ويطلبن من الله تعالى أن يحفظ مولودهن ببركة آية الكرسي.

أقول: ما أحوجنا إلى تلك البراءة التي ربّت الأمهات أطفالهن عليها، أما اليوم فإن الطفل يعيش بين عشرات المجلات والصور العارية المتناثرة هنا وهناك في زوايا البيت، إضافة إلى المسلسلات والأفلام التي تعرض على شاشات التلفاز في كل الغرف.
وإذا وُجد القرآن الكريم في تلك الغرف، فإنه مُهان بين كتب المجون والمجلات وإطارات الصور، وأشياء أخرى، لا علاقة لها لا بالقرآن الكريم ولا بالدين، لذلك فإن خلوّ البيت من المحصّنات الشرعية آفة اليوم.
وقد حصل أن إحدى الصغيرات وجدت تحترق في سريرها في غرفة النوم، ولو لم يسرعوا إليها لماتت حرقاً، فأنقذوا حياتها، وإلى هذا اليوم لم يعرفوا سبب احتراقها، وهي الآن تعيش معاقة.
نعم.. آية الكرسي وحدها، تكفي لأن يقرأها صاحب البيت، فتكون كفيلة بطرد الشيطان من البيت، وتبقى تحرس البيت ومن فيه من أول الليل حتى الصباح.

ولقد صدقت أمهاتنا عندما كن يقلن إنها تحفظ الأطفال من «أمّ الصبيان»، و«أمّ الصبيان» هذه اختلفوا في مفهومها، فقيل: البومة وقيل: الغول، لكن الأرجح أنها ساحرة الجنّ التي تتبع الإنسان، وهي بالتأكيد ليست قرينة الإنسان من الجنّ، ولها أسماء كثيرة مثل «أم ملدم» و«الشهاقة» و«الجدة».
فإذا قرأ المسلم آية الكرسي على نفسه قبل النوم، لم يقربه الشيطان، وأبعد الله تعالى عنه الكواليس المزعجة.
انظر كيف بدأ الله تعالى آية الكرسي، «الله لا إله إلا هو الحيّ القيّوم» و«الحيّ القيّوم» قيل إنه اسم الله الأعظم الذي يتحدى به رب العالمين أن يسمّى غيره به، فهو اسم الذات العليا.
أما «لا إله إلا هو»، فهي شهادة التوحيد الخالص الذي نادى به جميع الأنبياء والرسل، وهي رسالة التوحيد التي ينبغي أن يقوم عليها إعمار الأرض، فلا نافع إلا هو، ولا ضار رلا هو، وهكذا اشتملت هذه الآية على صفات كثيرة من الصفات العليا لله رب العالمين.
لذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حقها: «من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة، لم يحُل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت». (رواه النسائي)
وقال أيضاً لأبيّ بن كعب: «يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟»
قال: قلت الله ورسوله أعلم، قال: «يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم» قال: قلت: «الله لا إله إلا هو الحي القيوم»، قال: فضرب في صدري وقال: «والله ليهنك العلم يا أبا المنذر». (رواه مسلم)
أجل... والقيّوم هو الدائم القيام بتدبير الخلق وشؤونهم، لا يأخذه النعاس ولا يغلبه النوم، هو الغالب على كل شيء، وهو المحيط بكل شيء، وهو الذي لا يدرك أحد شيئاً من علمه إلا ما أراد هو سبحانه وتعالى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"