لم ينطق بالشهادتين حتى مات

02:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
سألني سائل عن رجل ولد من أبوين مسلمين، لكنه عاش حتى سن الثلاثين من عمره، فما رئي أنه يصلي أو يصوم، ولا سمع أنه نطق بالشهادتين مرة، فهل مثل هذا يعد مسلماً؟
- أقول: إن الأصل أن يكون مثل هذا الإنسان مسلماً، لأنه ولد من أبوين مسلمين، فهو ولد مسلماً على فطرته، وفي الحديث: «كل مولود يولد على الفطرة، لكن أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» (رواه البخاري).
- فالرجل يؤخذ عليه بأنه ما صلى أو ما صام، ومثل هذا لا يعد كافراً أو خارجاً من الملة، إلا إذا ارتد علناً فقال: بدلت ديني، أو رئي وهو ينكر فرضية الصلاة أو الصيام مثلاً.
- أما كونه لم يره الناس يصلي ويصوم، فهو بذلك يكون عاصياً لا كافراً، لأن إسلام من هو مسلم في الأصل، ليس من شروطه أن يعلنه وينطق بالشهادتين أمام القاضي في المحكمة، أو في دائرة الشؤون الإسلامية مثلاً.
- فالفقهاء قالوا: إن الولد يتبع أباه في الدين والنسب، وبذلك فإن من ولد في الاسلام من أبوين مسلمين، تجري عليه أحكام الإسلام من مناكحة وتوارث وإثبات نسب وغيرها، حتى لو أنه لم ينطق بالشهادتين حتى مات.
- أكرر القول بأن فقهاء الشريعة وعلماء الإسلام، يفرقون بين المسلم أصلاً، والكافر أصلاً، والمرتد، والفاسق.
- فالمسلم أصلاً لا يطالب بالنطق بالشهادتين، لأن ديانته ثابتة منذ ولادته، فهو لم يبدل دينه، وربما تهاون في إظهار شعائر الدين، أو أنه تهاون في أداء الفرائض والواجبات، وبذلك يكون عاصياً آثماً.
- والكافر من أصحاب الأديان غير السماوية إذا أسلم مطالب بالنطق بالشهادتين، لأنه بالنطق بالشهادتين يدخل دين الإسلام.
- وعندئذ تجري عليه أحكام الإسلام لا يحاسبه الله تعالى على ما فعل قبل إسلامه، لأن الإسلام يجب ما قبله، شريطة أن يبقى على إسلامه ولا يرتد.
- والمرتد هو من كان مسلماً وترك الإسلام واعتنق ديانة أخرى، أو كان كافراً فأسلم ثم عاد إلى الكفر، فمثل هذا في الحالتين يعد مرتداً.
- والمرتد يطالب بالعود إلى الإسلام، فهو يستتاب ويمهل حتى يعود إلى دين الإسلام، فإذا لم يستجب وأصر على كفره وارتداده قتل حداً، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من بدل دينه فاقتلوه» (رواه البخاري)
- وليس بصحيح أن الإنسان حر فيما يعتقده، وله أن يتبع من الديانات ماشاء، ويستشهد بعضهم بقوله تعالى: «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي» (الآية 256 من سورة البقرة) وقد جهل هذا أن مراد الآية أن الكافر الأصلي لا يجبر على الدخول في الإسلام حتى يقتنع.
أما المسلم فإذا خرج من الإسلام إلى الكفر، فلا يعطى هذا الحكم، بل يجبر على العودة، لأنه المعني بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه».
- أما العاصي وهو المسلم الذي يتهاون في أمور دينه، لكنه لم يرتد ولم يسخر من الدين في شيء، بل مجرد أنه قصّر في أداء الواجبات حتى مات، فمثله لا نحكم عليه بالكفر.
- فالكفر كما يقول ابن القيم، ينقسم باعتبار بواعثه إلى خمسة أقسام: كفر تكذيب، وكفر استكبار وإباء مع التصديق، وكفر إعراض، وكفر شك، وكفر نفاق.
وهذه الخمسة تُعد الكفر الأكبر الذي يخرج صاحبه من ملة الإسلام.
- أما الكفر الأصغر فهو كفر النعمة الذي يكون بسبب الذنوب والمعاصي، قال تعالى: «وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون» (الآية 112 من سور النحل)
د. عارف الشيخ
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"