سلطان وأيام الشارقة الثقافية

02:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبد الله البريكي

خلال شهر كامل والشارقة تضيء سماء بيروجيا الإيطالية بفعاليات ثقافية عشنا معها من خلال أحداث أيام الشارقة الثقافية التي أشبعتنا أخبارها معرفياً، وغمرتنا في ضوئها الساطع، ولم يكد ينتهي هذا العرس الثقافي الإبداعي والفني حتى دب في القلب الاشتياق إليه، وهو ما يؤكد مكانة إمارة الشارقة التاريخية على مر العصور برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي جعلنا نعيش في تواصل دائم مع الثقافة بمعناها الشامل، فلا تزال مخيلتي تسافر في أجواء أيام الشارقة الثقافية التي جمعت فعاليات وأنشطة وبرامج شجعت محبي الشارقة وتراثها العريق على التفاعل الحار مع فعاليات ثقافية وفكرية ترتقي بالذوق العام، حيث اعتادت بعض الشعوب ومنذ انطلاق أيام الشارقة الثقافية على الانصهار مع الثقافة العربية ومع ماضي الأجداد وتاريخهم العريق ومن ثم التعرف إلى مكونات تراث الإمارات الضارب في عمق التاريخ، ويكفي أن يطّلع هذا الجمهور على نماذج مبدعة من مؤلفات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، الذي أضاء بفكره الثاقب ومنجزه الثقافي المبهر على طبيعة الشخصية الإماراتية المبدعة، حيث يحظى سموه بمكانة رفيعة في أدبنا العربي المعاصر والآداب العالمية كافة، فهو نموذج حقيقي للمفكر المتفاعل بعمق مع الثقافات الإنسانية، وهو ما انعكس بقوة على أيام الشارقة الثقافية، وكان دليلاً واضحاً على النجاح المنقطع النظير، فيكفي من الفخر أن يتفاعل الآخر مع عادات وتقاليد وقيم وأعراف دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعد في هذه المرحلة قبلة للأدب وللثقافة والعلم والابتكار.
لا تزال سفينة أيام الشارقة الثقافية تمخر عباب اليم لتسترح قليلاً بعد أن عبرت بحاراً ومحيطات، وسافرت بالزمن الإماراتي القديم والحديث إلى الآخر الذي أصبح يعتني بثقافتنا وموروثاتنا الحضارية والشعبية والتراثية في كل مراحل حياتنا، وهو ما يجسد فكر سموه في أبهى صوره، فمن حق التاريخ أن يتوقف قليلاً ليروي فصولاً ناصعة البياض من مسيرة شعب اتخذ من العلم شراعه نحو التقدم والالتقاء مع الأمم الأخرى في جوهر الثقافة، فمن ينظر بعين الدقة لهذه الأيام الثقافية الفارقة في هذه اللحظة الراهنة، يتبين أن مثل هذه الفعالية لها ضرورة قصوى في التواصل الإنساني، وتعريف الآخر بثقافتنا وموروثاتنا الشعبية التي تمثل روح الإمارات من خلال ما قدمته الأيام خلال هذه الدورة مثل معرض الخليج في الخرائط التاريخية والذي يحوي مجموعة فريدة من مقتنيات صاحب السمو حاكم الشارقة تعرض خرائط لمنطقة الخليج منذ زمن بطليموس 150 للميلاد، مروراً بالرحالة المكتشفين الذين قاموا بإنتاج خرائط أكثر واقعية عن المنطقة، ومعرض فن الخط العربي والزخرفة، ومعرض تراث الإمارات، ومعرض الصور الفوتوغرافية، إضافة للعروض الشعبية لفرقة الشارقة للتراث الفني.

وما من شك أن الجهد الذي تبذله دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة كبير، ويعبر عن مستوى عال من التخطيط الجيد الذي ينم عن إبداع حقيقي يتواءم مع رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، ومكانة هذه الإمارة التي تبنت مشروعات ثقافية كبرى، ولذلك تجد الجميع يعمل بحب وشغف من أجل إبراز الوجه المضيء لأيام الشارقة الثقافية، وسخروا أنفسهم جنوداً لهذا المشروع الثقافي، والمتتبع لهذه الأيام يلمس أنه في كل دورة جديدة لأيام الشارقة الثقافية إبداع منفرد، وبرامج متنوعة تصب جميعها في إبراز مفردات الثقافة الإماراتية بصورة تليق بها، فضلاً عن الحفاوة الأدبية التي ألمسها من جملة الأدباء والمثقفين الذين يتفاعلون مع هذا الحدث بمحبة عميقة وإيمان حقيقي بدور هذه الأيام في تحريك الماء الراكد في بحيرة الثقافة بوجه عام.
ولم تكن لتتجلى هذه الفعالية دون الدعم غير المحدود من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي فهو المحرك الأساسي والرئيسي لهذه الفعالية، حتى أضحت مع مرور الزمن جزءاً لا يتجزأ من الأحداث الثقافية الكبرى في العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"