عرس الكلمة

03:08 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد عبدالله البريكي 
خمسة وثلاثون عاماً ومعرض الشارقة الدولي للكتاب يحفر تاريخاً من الإبداع غير التقليدي في حياتنا الثقافية، ورغم مرور هذه السنوات التي توّجته ملكاً على عرش معارض الكتب فإنه لا يتوقف كنهر يصب ماءه العذب في فروع العلم والأدب والتاريخ والثقافة الإنسانية، ينتظره رواده كل عام على بساط الشغف، ويراه المبدعون جائزتهم الحقيقية، ولا يزال هذا المعرض الذي يحمل طابعاً خاصاً في ذاكرة المعارض الخليجية والعربية والعالمية يمتلك سماته الخاصة، سواء من ناحية التنظيم أو دعوته دور النشر، وهو ما يجعل معرض الشارقة علامة بارزة ووجهة تستحق المغامرة.
ما زلت أتذكر الكثير من المواقف التي لا تنسى بين أروقة معرض الشارقة للكتاب، فقد سعى إليه كبار الأدباء في عالمنا العربي وفي العالم أيضاً، واحتفى بهم المعرض وأتاح للجمهور فرصة الالتقاء بهم من خلال المنتديات والندوات واللقاءات الفكرية التي لا تزال تشكل محيطاً عذباً من النقاشات الثقافية التي لا تموت وإن غاب أصحابها، وما زلت أتذكر العبارات التي كنت أسمعها من مشاهير الأدب الذين كانوا ولا زالوا يلهجون بالثناء على صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أدهشهم بفكره الثاقب واحتفائه بالأدب، وتطويع كل الإمكانات من أجل أن تظل راية الثقافة العربية خفاقة، وقد لاحظت أن بعض المبدعين الكبار في دنيا الأدب يشعرون بالفخر لكون الشارقة تمتلك مثل هذا المعرض الذي يقدم الإبهار في كل دورة، ويحصد التميز في موسمه السنوي.
وقد بلغ هذا المعرض من الحكمة الفياضة ما بلغ، ومن المكانة أرفعها، فمنذ خمسة وثلاثين عاماً، والشارقة تجعل من معرضها السنوي احتفالا بالثقافة العالمية، ومحطة يلتقي فيها أهل الإبداع من كل جنس ولون، وعلى الرغم من إيماني العميق بدور معارض الكتب في بناء ثقافة الإنسان وتنمية وعيه والارتقاء بذائقته، فإن معرض الشارقة للكتاب يقدم وجبة غنية تجتمع فيها كل معالم الإبداع، ولا يمكن أن أغفل أن المعرض يقدم أيضا في كل دورة المبدعين الجدد الذين يلقون أشعارهم في فضاءات مفتوحة أمام الجمهور، وكأننا في عصر الشعر الزاهر حيث الخيام التي كان الشعراء يلقون فيها قصائدهم أمام الناس.
إن هذا الاحتفاء له جماله الخاص في معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يجد فيه الزائر كتباً من الصعب العثور عليها في المعارض الأخرى، لذا، فإنه ليس غريبا أن أجد في لحظة واحدة وأنا أتجوّل بين أروقته عدداً كبيراً من الجمهور ينبثون في كل مكان، وهم جميعاً من جنسيات مختلفة جاءوا من بلدانٍ كثيرةٍ، يبحثون عن كتاب، أو يأملون بأن يحضروا ندوات على بساط الإبداع، وبعضهم يحلم بلقاء نجوم الأدب الذين يوقعون كتبهم في حفلات التوقيع.
إن معرض الشارقة للكتاب يمنحنا دفقات من السعادة، ويحفزنا على الإبداع، ويكفي أن صاحب السمو حاكم الشارقة يولي اهتماماً كبيراً بهذا المعرض ويهيئ له كل أسباب التفوق محلياً وخليجياً وعربياً ودولياً، وبفضل رعايته له حافظ المعرض على مكانته الرفيعة، فهو درة تاج معارض الكتب، وأيقونة المحطات الثقافية الموسمية التي يستعيد فيها الكتاب مجده، ويشعر من خلاله الكتّاب والمبدعون بأنهم في عرس الكلمة.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"