قبلة المبدعين والمفكرين

04:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي

يتبوأ معرض أبوظبي الدولي للكتاب مكانة عليا في تاريخ المعارض على مستوى منطقة الخليج والدول العربية والعالم، واستطاع أن يرسخ لمكانته خلال أكثر من ربع قرن على إقامة هذا العرس الثقافي الذي يزدهر عاماً بعد عام، ويتألق في قلب العاصمة الإماراتية، حيث أصبح قبلة للمثقفين والمبدعين والجمهور المحب للكتاب في كل مكان، واللافت أن هذه التظاهرة الثقافية تفاجئنا كل عام بفعاليات جديدة، وضيوف لهم مكانة عليا في ساحة الإبداع، وهو ما يشكل في الفترة التي يقام فيها حراكاً ثقافياً على مستوى كبير، حيث يحظى برعاية كريمة من شخصية لها باع كبير في الشأن الإبداعي، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يسعى دائماً لبناء نهضة ثقافية في إمارة أبوظبي، حيث توهجت خلال الأعوام السابقة بمجموعة من الفعاليات والبرامج والجوائز الكبرى، مثل مسابقة أمير الشعراء، وجائزة البوكر العربية، وبرنامج شاعر المليون، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، والكثير من هذه الأنشطة التي جعلت من أبوظبي قبلة للمفكرين والمبدعين من كل أنحاء العالم.
ويأتي معرض أبوظبي الدولي للكتاب ليجمع شتات الكلمة من جديد، ويكافئ أصحابها، ويفتح كنوزه أمام الزوار بدعم من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة التي لها باع طويل في ازدهار صناعة الكتاب وحركة الترجمة التي أثرت الساحة الثقافية، وربّت جيلاً من المبدعين على الفكر العربي والعالمي المنتج بصورة غير مسبوقة، وأكثر ما أسعدني أن تكون الشخصية المحورية في هذه الدورة الفيلسوف العربي الكبير ابن رشد، هذا العالم الجليل الموسوعي الذي نشأ في بيئة أندلسية بارزة عرفت بكثرة الفتاوى الفقهية والزعامة أيضاً، فضلاً عن توليه القضاء في إشبيلية ثم قرطبة، والذي غلب على فكره المعرفة في نوعين، واحدة تستند إلى الدين معتمدة على العقيدة، والثانية على الحقيقة التي تتمثل في الفلسفة، وكلنا يعرف أن ابن رشد كان عالماً جامعاً، ومفكراً عظيماً، لا تزال آراؤه محل تقدير في كل الأوساط العلمية في الشرق والغرب، وفي تقديري أن اختيار ابن رشد للاحتفاء به في هذه الدورة إنما هو نوع من الاحتفال بعالم مؤثر من عظماء العرب، فلا يزال كتاب تهافت التهافت يحظى بالشهرة والصيت، وليس هذا فحسب، ولكن جل أعماله الإبداعية.

وشخصياً لي ذكريات كثيرة في أزقة معرض أبوظبي الدولي للكتاب ، حيث إنني لا أزال أحتفظ في ذاكرتي باللقاءات التي جمعتني بالشعراء والكتاب والإعلاميين العرب، الذين كانت تدور بيني وبينهم الكثير من المناقشات الفكرية، أطارحهم الرأي، وأتبادل معهم الآراء حول بعض القضايا الفكرية التي تهم الإنسان العربي، ودائماً وأبداً كان هذا المعرض يجيب عن الكثير من الأسئلة التي أطرحها في ذاتي، إذ يفعّل بصورة مكثفة آليات مبادرات القراءة، ويجمع بشكل شفيف كل عناصر المجتمع، بدءاً من الأطفال، مروراً بالمراهقين والشباب، وصولاً إلى كبار السن، وهو ما يحرك في داخلي الشجون، ويجعلني أتلمس في كل زواياه ذلك الأثر الكبير الذي ينمي الطاقات ويرفع سقف الطموحات، ويلبي الكثير من الحاجات الأساسية للانغمار في الثقافات الإنسانية المختلفة، هذا المعرض دائماً يحتفي بكل فئات المجتمع، بخاصة المرأة والطفل والشعراء والكتّاب والمبدعين والجمهور القارئ المحب لكل ألوان الثقافة، فتحية من القلب إلى كل صناع الثقافة في أبوظبي، قبلة الأدباء ومحط أنظار العلماء، وإلى حماة الأدب من القادة الكرام الذين يبذلون كل الجهد من أجل أن يصبح هذا العرس الثقافي درة المعارض الدولية في العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"