الكلمة طاقة

04:32 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله الهدية الشحي

جاء في دراسة أعدتها كلية الطب بكاليفورنيا، سنة 1986، أن الإنسان من الميلاد إلى سن 18 سنة، يتلقى بين 500 ألف إلى 1.5 مليون رسالة سلبية، مقابل 600 رسالة إيجابية. وجاء في حكاية أم أديسون، حول تأثير الكلمة الإيجابية، وتجسيد بناء الثقة، أنه حينما عاد أديسون الصغير إلى بيته، وقال لأمه: هذه رسالة من إدارة المدرسة، غمرت عينيها الدموع، وهي تقرأ لابنها الصغير فحوى الرسالة، حيث قرأت له: «ابنك عبقري والمدرسة صغيرة عليه وعلى قدراته، وعليك أن تعلميه بالبيت»، ومرت السنوات، وتوفيت أم أديسون الذي تحول إلى واحد من أكبر المخترعين في العالم، وفي أحد الأيام، وهو يبحث في خزانة والدته، وجد رسالة يقول نصها: «ابنك غبي جداً، ومن صباح الغد لن ندخله إلى المدرسة»، بكى أديسون لساعات طويلة، وبعدها كتب في دفتر مذكراته «أديسون كان طفلاً غبياً، ولكن بفضل والدته الرائعة تحول إلى عبقري».
للكلمة الإيجابية مفعولها السحري في رفع الهمم وبناء الثقة، وفي التحفيز والتعزيز المعنوي، وبأثرها الفعّال، يستطيع الإنسان أن يواجه الصعاب، ويصنع المستحيل، ويتحول إلى طاقة إيجابية تجلب له وللمحيطين به السعادة والطمأنينة، أمّا الكلمة السلبية، فإنها معول هدم للطاقات والمبادرات. وأشار علم تطوير الذات إلى أن الإنسان حين تتكرر على مسمعه كلمة سلبية نحو أربعين مرة، فإنها تسكن في عقله الباطن، وبالتالي تنعكس على تفكيره وفكره وسلوكه، فحين يلقي أحدنا على ولده، على سبيل المثال، عبارة «أنت لا تفهم» ثم يكرر إلقاءها عليه في مواقف مختلفة، فإن الولد سيؤمن، من حيث لا يدري، بأنه فعلاً لا يفهم، فكيف إذا تم نعته، من حيث الفهم والذكاء، للأسف الشديد، ب«الثور» أو «الحمار»، فهنا حتماً، إمّا أن يتأقلم المتلقي مع هذا النعت، فيصبح محباً لهذا الحيوان أو ذاك، أو تصيبه عقدة من هذه المفردة أو تلك. وقياس هذا يعمم على كل مفردة تلقى دون وعي لأثرها السلبي على من معنا، ومن حولنا، وعلى أنفسنا أحياناً، ونحن ندرك أننا مثلما نفكر نكون، وأن الكلمة التي تتحول إلى تفكير سلبي أو فكرة سلبية، فإنها في الوقت ذاته تتحول إلى طاقة سلبية نجذبها إلى أنفسنا، ثم نصبح من ضحاياها، فالذي يخاف من العين يُصاب بالعين، حيث يقول المثل العامي «إللي يخاف من العفريت يطلع له».
للكلمة مفعولها، ومن العجب أن ينشر بعضنا منذ الصباح الباكر، يومياً، من خلال رسائل التواصل الاجتماعي، طاقاته السلبية على نفسه، وعلى من يحب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"