تحويل الأزمة إلى فرصة

03:20 صباحا
قراءة دقيقتين
ميثا السبوسي

مع انتشار فيروس «كورونا» بدأت ملامح أزمة اقتصادية وسياسية وصحية واجتماعية في العالم، كان لابد من العمل يداً بيد مع قيادتنا وتحمل المسؤولية لوقف انتشار هذا الوباء والحد من حركة المصابين بوضعهم في الحجر الصحي وفرض العزل المنزلي لمن يشتبه في إصابته، مع دعوة الآخرين إلى البقاء في منازلهم وعدم مغادرتها إلا لضرورة قصوى.
وفي الوقت الذي قالت فيه بريطانيا:«استعدوا لفقد أحبابكم»، وفي أمريكا لم يجد الآلاف سريراً في المستشفى، وجعلت منه إيطاليا عدوى ليتفشى ويحصل منه المريض على مناعة مدى عمره، نرى التدابير الوقائية والاحترازية التي اتخذتها الإمارات في موقف سيخلده التاريخ في سجلات حفظ الأرواح البشرية.
سريعاً، أنهت دولتنا البرامج المطلوبة للدراسة والعمل عن بعد للحد من المخالطة وتفشي الفيروس في وقت قياسي، وفي أقل من أسبوعين وفرت للطلبة الأجهزة المطلوبة، ودورات مكثفة للمعلمين لتمكن من الوصول لأعلى مستوى من الجودة في التدريس ولتمر هذه المحنة بسلام وبأقل خسائر ممكنة. وكذلك علقت الصلاة في المساجد وأغلقت الحدائق والمتنزهات للقيام بالتعقيمات اللازمة فيها.
هذه الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها دولتنا، تقودنا للعودة إلى ذواتنا للتأمل والتفكر، فالوقت الإضافي الذي وضع في رصيدنا، ومنع المناسبات واللقاءات الاجتماعية فرصة سانحة للخلوة بالنفس، مع إعادة الحسابات وتقييم الذات، وإصلاح أدائنا، ووضع خطط مستقبلية لأهدافنا. بالإمكان ممارسة الهوايات التي أهملت والتي لا تتطلب منا مخالطة الآخرين، والبقاء بالقرب من الكتب للقراءة للارتقاء بمستوى التفكير والسلوك، وكتابة كل ما يجول في الخاطر كنوع من التنفيس في هذه المحنة، وكذلك حضور دورات وورش عمل عن بعد، ومشاهدة الفيديوهات القيّمة في «يوتيوب» التي من شأنها إثراء الحصيلة المعرفية. وهي فرصة للمّ الشمل ورأب الصدع في الأسرة الواحدة، ومواجهة الأخطاء ومحاولة الحد منها.
ومع الأخذ بكل أسباب السلامة واتباع التعليمات، علينا العودة واللجوء إلى الله سبحانه لتقوية صلتنا به وإثراء الجانب الروحي العاطفي والاستعانة به لتخطي المحنة والعودة بصورة أقوى.
في عام ١٦٦٥ طوّق الطاعون لندن وخسرت من الأرواح البشرية الكثير، وكان من الإجراءات الاحترازية وقتها إغلاق الجامعات وعودة الطلاب إلى منازلهم حتى تنتهي الأزمة. ومن ضمن هؤلاء الطلبة نيوتن الذي كان في جامعة كامبريدج واضطر للعودة إلى قريته ولزم بيته مع أبحاثه ودراسته حتى خرج إلى العالم بتطورات مهمة للبشرية في حساب التفاضل والتكامل والبصريات وقانون الجاذبية.
لك الخيار الآن، إما العمل والبناء والخروج من الأزمة بأعلى مستوى ممكن على جميع الصعد، أو التقاعد والتكاسل والتذمر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"