حين لا يكون التصريح في محله

05:05 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله الهدية الشحي

تعرضت الدولة في الآونة الأخيرة لحالة جوية تعتبر من أقوى الحالات التي مرت عليها منذ فترات زمنية طويلة، وقد تفاوتت درجات تأثيرها بناء على معطيات درجة قوة سيولها ومدى جاهزية البنى التحتية، واللاوعي أو عدم المبالاة عند بعض المغامرين بأرواحهم وأرواح أسرهم، رغم تحذيرات مركز الأرصاد، ورغم تعليمات وإرشادات الجهات المختصة، أو بسبب استمرار تجاوزات أصحاب الأملاك، من خلال تعديهم على مجاري الأودية، وهم يعلمون بأن السيل يعرف مجراه تماماً، وحين يجري يجرف كل ما يعترض طريقه، وأنه في حال كون ما يعترضه سداً منيعاً غير مجراه دون سابق إنذار، وأصبح أشد قوة وشراسة، وهو وإن تأخر حضوره وامتد غيابه، لا بد أن يبقى حاضراً في توقع حضوره القوي بشكل مفاجئ، لذلك لا يجب أبداً سد طريقه أو تغافل تأثيره في حال وصوله، فهو كما يقول المثل الشعبي على لسانه: «بطيت بطيت لا تبني بدربي بيت».
نعم لم تقاوم بعض البنى التحتية غزارة الأمطار، وقوة تساقطها، لتقصير غير واضح من جهة ما أو لأسباب أخرى، وهذا غالباً ما يحدث في مثل هذه الحالات في أكثر دول العالم، إن لم يكن جميعها، وهذا بحد ذاته لا يشفع لما يقوم به بعض من يحاولون بث الأخبار غير الصحيحة أو الدعاية المغرضة، بهدف جذب الانتباه أو إثارة روح السخرية والفكاهة، التي لا تكون في محلها أو قولبة بعض الإشاعات، ونشر الصور ومقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الحديثة، يحدث كل هذا للأسف من قبل مَن لا يمتلكون الدراية بمدى انتشار مثل هذه الأمور على مستوى البسيطة، وبالتالي مدى تأثيرها على مكانة وسمعة الدولة، ويحدث هذا أيضاً من قبل الذين لا يملكون سوى ظواهرهم الصوتية وشخصياتهم النقدية، التي لا تقدم المقترحات البناءة والمفيدة للجهات المختصة قبل الحدث، ولا تسعى إلى إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل في حال وقوعها، وإنما تبقى في حال ترقب وتعطش لظهور بعض المؤشرات السلبية، التي قد تكون خارجة عن الإرادة، وبالتالي إشعال التصريحات للفت الانتباه أو زيادة عدد المطبلين من المريدين.
نعم كان منسوب مياه الأمطار التي سقطت أخيراً مرتفعاً بكميات كبيرة، وكانت السيول شديدة البأس على الشوارع والممتلكات، وتسببت في بعض الخسائر المادية، ولكن الجهود التي بذلت من قبل الجهات الخدمية المعنية بهذا الشأن، كانت كبيرة وواضحة للعيان وما قامت به وزارة الداخلية من جهد كان يفوق التوقع، فالشكر كل الشكر لها، وخاصة للإدارة العامة لشرطة رأس الخيمة، التي بذلت الجهد في إنقاذ العالقين في المسطحات الجبلية، والذين احتجزتهم الأودية، وكانت بذات الوقت على مستوى الحدث في كافة الشوارع والتقاطعات، مما كان له الأثر الواضح في سلامة الأرواح البشرية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"