سر النجاح في فن التعامل

04:51 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله الهدية الشحي

أثبتت الدراسات العلمية أننا لو تعلمنا كيفية التعامل مع الآخرين فإننا نكون قد حصلنا على 99% من السعادة الشخصية، وقطعنا 85% من طريق النجاح الوظيفي، وعرفنا أن نسبة 15% الباقية من هذا الطريق ترجع إلى التدريب التكنولوجي، وإلى المهارات العقلية في الأداء المهني؛ لذا فالنجاح في بيئة العمل يعود بالدرجة الأولى إلى فن التعامل مع الناس، فليتنا نكون مثل ذلك الشخص الذي دأب كل يوم على اصطياد السمك، وكان شغوفا جداً بالفراولة والقشدة، ولكنه أيقن من خلال عمله أن الأسماك تفضّل الدود لسبب لا يعرفه، فأصبح حين يذهب إلى صيده لا يفكر إلا بالدود الذي يريده السمك، وليس بالفراولة التي يريدها هو؛ لهذا علينا ألّا نحاول إقناع الحصان أن الموز ألذ من العشب، بل علينا توفير العشب الذي يحبه الحصان.
ورد في السيرة الظاهرية للظاهر بيبرس في الفلكلور الشعبي موال باللهجة العامية المصرية جاء فيه: «جرح في ظهر الحصان تحت السرج متداري / لا الحصان بيقول آه ولا الخيال داري»، فقد أثبتت إحدى الدراسات المجتمعية: «أن أكثر من 95 % من البشر يفضلون ادعاء أنهم بخير بدلاً من أن يقولوا أنهم يتألمون نفسياً، حتى لا ينظر الناس إليهم بنظرة الشفقة»، يحدث هذا في الوضع العادي، فكيف هو الحال ترى حين يتسلط ويتنمر مدير ما على موظفه المبدع فيجبره على الدوران في فلكه العقيم، وفي إطار دائرته الروتينية الرتيبة، فيصادر أفكاره، وينتحل دوره، ويسرق مشاريعه، ويحط من شأن مقترحاته، ولا يعير منجزه أي اهتمام يذكر، حتى وإن أشاد كل الكون بهذا الموظف المبدع، الذي إن عبّر عن مكنون قهره زاد الأمر على واقعه سوءاً، وأصبح وضعه العام والخاص في دائرة النقد والهمز واللمز، وإن لزم الصمت ناحت لواعجه بأنينها الداخلي، ونهش الإحباط طموحه، وسيطر اليأس على آماله، ومن العجب أن هذا المدير رغم كل هذا الضيم الذي أوقعه على كاهل وفكر موظفه لا يزال يريد العسل من الخلية التي كتب على الطريق المؤدي إليها: «إذا أردت جمع العسل فلا تهدم خلية النحل».
رجل الأعمال الأمريكي أندرو كارينجي كان يدفع مليون دولار سنوياً إلى المهندس تشارلز شواب، بواقع 3000 دولار يومياً، ليس لأن شواب كان أكثر إبداعاً وخبرةً وإتقاناً في صناعة الحديد، فقد كان بين العاملين من هو أكثر دراية وعلماً وفناً وابتكاراً منه، ولكنه كان يمتلك قدرات خاصة في مجال التعامل مع الناس، وقد قال عن نفسه في هذا السياق: إنني أعتبر قدرتي على إثارة حماسة الموظفين هي أعظم خصائصي، فأنا لا أنتقد أحداً أبداً، بل أعطي الناس حافزاً للعمل، وأكره تصيد الأخطاء، صادقٌ في استحساني، كريمٌ في مدحي. للعبرة ولإفادة من لا يدركون صفات القيادة وأهمية العلاقات الإنسانية والتحفيز في بيئة العمل أقول: عندما توفي كارينجي.. كُتب على قبره: «هنا يرقد شخص عرف كيف يجمع حوله رجالاً كانوا أذكى منه».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"