شهر القراءة

04:07 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

انقضى شهر مارس الذي خصصته الدولة شهراً للقراءة في كل عام، ومضى كما جاء خفيفاً بسيطاً سهلاً، لم نرَ أو نسمع أو نشاهد فعالية ذات مغزى أو معنى تُعنى بالقراءة خلاله، برغم وجود بعض الفعاليات التي أقيمت هنا وهناك، وهي فعاليات مكررة، عادية، بسيطة الفعل والتأثير.
حتى إن كثيراً من المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي وقفت موقف المتفرج فلم تقدم شيئاً يذكر، ولو كان ذراً للرماد في العيون، وكأن الأمر لا يعنيها لا من بعيد ولا من قريب.
فهل هو استخفاف، أم هو عدم فهم، أم هو مزيج من انعدام المسؤولية والتعالي؟
لو عدنا إلى سبب قرار الدولة بتخصيص شهر مارس للقراءة ومغزاه، فهل هو يعني إقامة الفعاليات والأنشطة المعتادة، أم هو دعوة إلى الابتكار والتميز في طرح مفهوم القراءة، وبشكل يحفز أفراد المجتمع عليها حتى تصبح فعلاً معتاداً من أفعالهم ومزاجهم الاجتماعي؟
بكل يقين أجزم أن الدولة حينما قررت هذا الشهر للقراءة لم تكن تنظر أو تبحث عن جلسة هنا وهناك لقراءة كتاب والتحدث عنه أو استضافة كاتب ليتحدث عن مسيرته في عالم الكتابة، فذلك فعل دعت الدولة المجتمع لممارسته كفعل دائم يتكرس في الأنشطة السنوية المختلفة ويمارس فعلياً وعملياً، ولا يحتاج إلى شهر مخصص له، الدولة حينما خصصت هذا الشهر للقراءة فهي إنما تدعو الجهات كلها في الدولة مهما كان تخصصها ومجالها وعملها لتقدم مبادرتها التي تفيد المجتمع وتساهم في تنمية القراءة فيه من خلال مشاريع مبتكرة جديدة دائمة وليست وقتية تساهم في ترسيخ فعل القراءة في المجتمع، ولو ضربنا مثلاً على ذلك، فما الذي يمنع أي شركة من الشركات العقارية الكبرى التي دعمتها الدولة وقدمت لها الكثير أن تقوم بتبني عملية النشر لعدد معين من الكتب سنوياً مساهمة منها في دعم مسيرة النشر، أو بتخصيص أماكن خاصة لإنشاء مكتبات في أماكن محددة، شركات تخصص مبالغ معينة لدعم المكتبات في المدارس، ما ذكرته مجرد أمثلة فهناك الكثير مما يمكن تقديمه لو أرادت أي جهة أن تفعل ذلك.
الجهات الثقافية في الدولة سواء كانت محلية أو اتحادية، أو ذات نفع عام، دست وجهها خلف جلسات القراءة أو أنشطة من أنشطتها المكررة فألصقتها بهذا الشهر وكأن الأمر هو مجرد نشاط وكفى، فقدمت نماذج باهتة للفعل الثقافي غير المبادر، الذي ينتظر غيره ليقوم مقامه وليصفق له.
شهر القراءة ليس مجرد شهر تمارس فيه القراءة فقط، بل هو شهر للمبادرات والابتكارات والتميز والتحفيز والفعل والعمل والنشاط الذي يساهم في خلق مجتمع قارئ، تكون القراءة شيئاً من فعله اليومي المعتاد.
ترى هل ستتعلم مؤسساتنا كيف تتعامل مع شهر القراءة أم أنها ستبقى على ما هي عليه؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"