عبدالعزيز المسلم

يبدأ يومه متزملاً بأبجديات اليومي المعاش من ذاكرة الأجداد والجدات، الآباء والأمهات، منقباً بصبر واجتهاد ومثابرة، لا يترك وادياً أو قرية أو حيّ إلا وشدّ الرحال إليه طالباً المعرفة والمعلومة، يدون ويجمع ويصنف، لا يسمع عن راوٍ أو راوية من كبار السن إلا وحزم أمتعته ودواته، واجتمع بهم يسمع ويرصد ويدون بحرص وصبر شديدين، لم يتوقف أبداً عن ذلك فيما يزيد على 30 عاماً، بل صقل ذلك بالدراسة الأكاديمية، حتى حصل على درجة الدكتوراه في حقل التراث الشعبي، فهو عاشق أصيل للتراث بكل أشكاله ومشاربه، حينما تجتمع به تشعر وكأنك أمام موسوعة تراثية شاملة وارفة متنقلة.
كان سعيه ومثابرته واجتهاده وإصداراته محط تقدير وعناية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فأسس معهد الشارقة للتراث في عام 2014 كصرح علمي أكاديمي يعمل على صون وحفظ التراث الإماراتي غير المادي وتوثيقه والتعريف به، وكلف هذا العاشق المتيم برئاسة هذا المعهد، فكان منذ انطلاقته زاخراً بالنشاط والفعاليات المختلفة والمتنوعة، مثل ملتقى الشارقة الدولي للراوي، وأيام الشارقة التراثية، وملتقى الشارقة للحرف التقليدية وأسابيع التراث الثقافي العالمي في الشارقة، (بشارة القيض وليلة النص) وبالإضافة إلى سلسلة من الندوات والمحاضرات والملتقيات العلمية والفكرية المتعلقة بالتراث وفنياته، فضلاً عن تقديمه دورات متخصصة في التراث، وقد عمل المعهد على إصدار العديد من الكتب المتخصصة في التراث ومجالاته ومشاربه المختلفة، وأصدر أيضاً مجلات تراثية مثل مجلة مراود ومجلة الموروث، ومنشورات متخصصة مثل التراثية والراوي، بالإضافة إلى كراسات تراثية وسلاسل من الدراسات المعمقة، ونشاط غني لا يتوقف على مدار العام.
عاشق التراث المتيم الدكتور عبدالعزيز المسلم، ليس مجرد رئيس لمعهد الشارقة للتراث، فهو رجل من رجالات الوطن الذين يعملون سراً وعلناً للحفاظ على تراث هذا الوطن وبشكل علمي مدروس، صبور مجتهد مثابر، لا يترك شاردة ولا واردة تراثية إلا استقصى لمعرفة كنهها ومصدرها وخبرها.
عطاء الأخ الدكتور المسلم يشهد له القاصي والداني في مجال التراث حتى أضحى أحد المراجع التي يعود إليها الكثيرون فيما يتعلق بالتراث غير المادي بالذات.
تحية تقدير واعتزاز لهذا المحارب الأصيل، تحية تراثية من القلب.