«إسرائيل» تنتظر قرار ترامب

02:40 صباحا
قراءة 4 دقائق
حافظ البرغوثي

يأمل رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، أن يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ببيان قبل الانتخابات «الإسرائيلية»، الشهر المقبل، يعلن فيه الاعتراف بسيادة الاحتلال على الضفة الغربية؛ لدعم نتنياهو انتخابياً؛ بعد فشله في تشكيل حكومة يمينية في الانتخابات السابقة. وخاض نتنياهو سجالاً مع حلفائه من اليمين؛ بعد أحداث تصدي المقدسيين، لمحاولة اقتحام المستوطنين المسجد الأقصى في أول أيام عيد الأضحى، وانسحابهم منه صباحاً؛ لكن قوات الاحتلال عاودت الكرة بعد الظهر، وأدخلت تحت حمايتها أكثر من ألف مستوطن، ووصف حليف نتنياهو المتطرف سموتيرتش رئيس حزب «يمينا»، نتنياهو بأنه ضعيف في القيادة، ما دفع نتنياهو إلى تهديده بالإقالة من حكومته، إذا لم يعتذر، واضطر الأخير للاعتذار علناً. فالسباق الآن بين أقطاب الأحزاب الصهيونية؛ حول من يتخذ مواقف أكثر تطرفاً ضد الفلسطينيين سواء في القدس التي تخضع لحملة تنكيل واسعة منذ قرار ترامب الاعتراف بها عاصمة ل«إسرائيل» أو بالمشاركة الفعلية للسفير الأمريكي فريدمان في أعمال الاستيطان في القدس، وافتتاحه نفقاً في سلوان قرب المسجد الأقصى، وهو نفق روماني قديم، يزعم السفير فريدمان والمبعوث الأمريكي جرينبلات أنه كان للحجاج اليهود إلى الهيكل المزعوم، فرد عليه صائب عريقات، بالقول: إن النفق أثري روماني، ولا علاقة له باليهود.
في أحداث الأقصى، التي شنت منظمات اليمين المُسماة «جبل الهيكل» حملة إعلامية؛ لاقتحام المسجد وحشد الأنصار لتكريس الهيمنة عليه، لم تحشد إلا قلة، خاصة بعد إعلان الأوقاف الإسلامية عن تأخير ذبح الأضاحي وصلاة العيد ساعة؛ للتصدي للاقتحام، ما أدخل الرعب في صفوفهم؛ لكن بعد فشل الاقتحام الصباحي أمر نتنياهو قواته بالاقتحام بعد الظهر، وإدخال المستوطنين تحت وابل من العيارات المطاطية والغاز. وتفاخر نتنياهو بأنه هو من أعطى الأمر بالاقتحام؛ لأسباب انتخابية ليتفوق على الأشد تطرفاً من الأحزاب اليمينية؛ لكن الغريب أن المقرر الأممي للحرية الدينية أحمد شهيد وهو من جزر المالديف لم ينبت ببنت شفة، حول الانتهاكات الاحتلالية في المسجد الأقصى، ما دفع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى المطالبة بإقالته، وموقف أحمد شهيد هو نفسه الذي اتخذه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس من انتهاكات الاحتلال في القدس ضد الأطفال؛ حيث رفض إدراج اسم «إسرائيل» في قائمة العار للدول التي تنتهك حقوق الأطفال في الوقت، الذي كانت فيه سلطات الاحتلال تستدعي طفلين مقدسيين في الرابعة والسادسة من العمر؛ للتحقيق على الرغم من أن التقرير بهذا الصدد أشار إلى انتهاكات الاحتلال ضد الأطفال الفلسطينيين. عملياً تبدو القدس ميداناً للمزايدات المتطرفة لدى الاحتلال وأحزابه، وسط خذلان دولي وعربي وإسلامي وانقسام فلسطيني، فحتى حزب ميرتس اليساري العلماني الذي اندمج مع حزب «إسرائيل ديمقراطية» برئاسة إيهود باراك أعلن دعمه لاقتحام اليهود للمسجد الأقصى، وغني عن الذكر أن المذبحة التي ارتكبها الاحتلال في المسجد الأقصى سنة 2000 كانت الشرارة للانتفاضة الثانية؛ بعد اقتحام شارون للمسجد في ذلك الوقت، وقد حاول الرئيس الراحل ياسر عرفات منع الزيارة، وتوجه ليلاً إلى مقر إقامة باراك وكان رئيساً للوزراء شمال غرب قلقيلية على خط الهدنة، وحاول إقناعه بمنع الزيارة؛ لكنه أبى واندلعت الانتفاضة. لكن السيناريو نفسه يكاد أن يحدث مجدداً في أية لحظة؛ لأن الاحتلال ما زال يعمل؛ لتكريس وضع جديد في المسجد وتقسيمه وفرض السيادة عليه؛ حيث دعا وزير أمن الاحتلال أردان إلى تغيير الوضع القائم في المسجد، والسماح لليهود بالدخول في أي وقت، وأداء الطقوس في مكان مفتوح أو مغلق في إشارة إلى النية لإقامة كنيس في المسجد، وأكد أنه سيعمل على فرض السيادة «الإسرائيلية» في المسجد الأقصى، وهكذا، فاحتمالات الصدامات العنيفة تظل قائمة ليس في القدس التي تواجه آلة الاحتلال وحدها؛ بل في الضفة؛ حيث يقترب «الإسرائيليون» من اتخاذ قرار بفرض السيادة على الضفة، وليس ضم المستوطنات فقط، وهم ينتظرون الضوء الأخضر الأمريكي كما قال نتنياهو أي الاعتراف بسيادتهم على الضفة ككل كما القدس.
ويذكر أن سلطات الاحتلال ضخت في الضفة قرابة نصف مليون مستوطن نصفهم في القدس، ويعمل قادة المستوطنين وحكومة الاحتلال منذ سنوات على شق طرق سريعة بين الضفة والسهل الساحلي لا تلتقي مع الطرق والتجمعات الفلسطينية؛ بحيث يمكن إغراء اليهود في منطقة «تل أبيب» التي تعاني ارتفاعاً في أسعار الشقق بالاستيطان في الضفة ليلاً، والعمل في «تل أبيب» نهاراً، وخصصت سلطات الاحتلال ميزانيات لهذا الغرض. وقد باتت هناك قناعة لدى «الإسرائيليين» بعدم ضرورة التخلي عن أي شبر من الضفة لمصلحة الفلسطينيين طالما أن خطة «صفقة القرن» تستبعد قيام دولة فلسطينية، وتستبعد أي انسحاب «إسرائيلي» مستقبلاً؛ بل إن اللغة الأمريكية تغيرت نحو هذا الهدف، وباتت تطلق على الضفة الاسم الاحتلالي؛ وهو: «يهودا» و«السامرة». ويتصرف قادة المستوطنين على ضوء التسريبات عن «صفقة القرن»، فقد قال السفير الأمريكي فريدمان في شهر يونيو/حزيران الماضي، إن «إسرائيل»، في ظل ظروف معينة، لها الحق في الاحتفاظ بأجزاء من الضفة، ولكن ليس كل الضفة الغربية على الأرجح، وهو ما يقوله المبعوث جرينبلات الذي رفض اعتبار الضفة الغربية منطقة محتلة بشكل غير شرعي، وقال جاريد كوشنر: إن الفلسطينيين سيكون لهم الحكم الذاتي بحقوق مدنية فقط، وسيقول الرئيس ترامب ذلك؛ أي أن نتنياهو يطالب بالسيادة الكاملة ليحصل على سيادة على كل المستوطنات والمنطقة «سي» أي على ثلثي الضفة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"