«حماس» تنفذ انقلابها الثاني

02:35 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

تنفذ حركة حماس في غزة انقلاباً جديداً، الأول كان في سنة 2007 ضد السلطة الفلسطينية، رغم أنها كانت ترأس الحكومة، حيث قتلت 700 شخص وأصابت العشرات، والثاني حاليا ضد الشعب في غزة الذي خرج بمطلب حياتي بسيط وهو «بدنا نعيش»، حيث تم جرح واعتقال العشرات. ورغم أن الحركة حلت أزمتها المالية بسماح الاحتلال وبدعم أمريكي نقل الأموال القطرية إليها، لكنها لم تكتف بذلك بل فرضت المزيد من الضرائب في مجتمع وصلت فيه نسبة البطالة إلى 85 في المئة وفي وقت جفت فيه مصادر دخل السلطة الفلسطينية التي هي أكبر مشغل في غزة، لأنها تدفع رواتب قرابة 80 ألف موظف ومتقاعد وعائلات أسرى وشهداء وتصرف على الوزارات الخدماتية كالصحة والشؤون والتربية، وذلك بعد توقف الدعم الأمريكي للسلطة ولوكالة غوث اللاجئين.
ومع أن المشهد الحالي في غزة أصبح واضحاً من حيث استخدام العنف ضد المتظاهرين، إلا أن إعلام حماس ينفي كل هذا، ويزعم أن عناصرها يحمون المتظاهرين وأن التظاهرات ضد السلطة والاحتلال فقط، وأن ما يحدث مؤامرة تم نسجها من قبل سلطة رام الله وأطراف دولية، بينما سلطة رام الله ظلت عن غباء وقصور سياسي تسدد فاتورة للاحتلال بقيمة خمسين مليون دولار شهريا للكهرباء والوقود، فيما حماس تستوفي الفواتير لحسابها من المستهلكين، كما أن رواتب قادة حماس ظلت تدفع حتى وقت قريب.
فالتعاطي من قبل السلطة مع الانقلاب جعل حماس تتمكن من قطاع غزة وتحوله إلى إمارة تسعى إلى الحصول على اعتراف رسمي من الاحتلال، حيث أقر نتنياهو الأحد الماضي بأن المفاوضات مع حماس متواصلة للتوصل إلى تهدئة ثم الاعتراف بها كطرف رسمي بعيداً عن السلطة الفلسطينية لبلورة كيانها كدولة في غزة ولهذا جاءت ردود فعلها على حراك «بدنا نعيش» قاسياً.
الكذب صناعة إخوانية بامتياز وعندما فجروا موكب حكومة الوفاق السابقة في بيت حانون ادعوا أن الحادث من تدبير المخابرات الفلسطينية التي يقودها ماجد فرج، مع العلم أن فرج كان في الموكب المستهدف، فالكذب ضمن المبادئ التي أباحوها لأنفسهم، حيث إنهم بعد محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نفوا أية صلة لهم بالحادث، لكن الوقائع أكدت عكس ذلك، إذ لدى الجماعة آفة تعظيم ما يلحق بها فإن اعتقل أحدهم صوروا الأمر وكأنه اعتقال ألف شخص، ولعلنا نلاحظ أن إعلامهم يروج حتى الآن زاعماً أن عبد الناصر قتل الآلاف منهم، بينما من أعدم بحكم محكمة هو سيد قطب فقط وهو المنظر الأيديولوجي للجماعات الإرهابية حالياً. وقبل فترة قصيرة أدى أنصار حماس صلاة الغائب على المدانين باغتيال النائب المصري العام واعتبروهم شهداء وأنهم من الفتيان الصغار، وفي الوقت نفسه أفرجت مصر عن أربعة عناصر من حماس اعتقلوا قبل سنوات في سيناء، ومع ذلك لم يشفع ذلك في التخفيف من عدائهم لمصر التي تحميهم حالياً من العدوان «الإسرائيلي» بل أعلن الجيش المصري عن تدمير تسعة أنفاق على حدوده مع غزة فيما تدعي حماس أنها دمرت الأنفاق وتسيطر على الحدود مع مصر.
التجربة أكدت أنهم لا يعترفون بأي جميل، وسبق لأبو مازن أن رفض الضغوط الأمريكية لمنعهم من المشاركة في الانتخابات، ولكنهم انقلبوا عليه، فهم لا يحفظون وداً ولا عهداً. وروى القيادي الإخواني السابق ثروت الخرباوي أنه فوجئ بحجم التعذيب الذي سردته زينب الغزالي في كتاب لها عن فترة سجنها، ولما سألها إن كان ذلك صحيحا، فأجابت بالنفي وقالت له إن فلانا وهو من كتاب الجماعة هو الذي كتبه.ولما راجع الكاتب قال له ببرود إنما الحرب خدعة.
وفي حالة غزة حالياً الحرب كذبة تتقنها حركة حماس.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"