«كورونا» والنفط.. وما بينهما

02:30 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

أساسيات اقتصاد الإمارات قوية على مختلف الصعُد، سواء القطاعات غير النفطية المتنوعة أو القطاع النفطي، فيما تمتلك الإمارات قاعدة مالية متينة مدعومة باحتياطات نقدية وأصول استثمارية في الخارج، يتجاوز حجمها تريليون دولار.
وإذا دققنا أكثر فإن الإمارات بتنوع اقتصادها وتعدد مواردها المالية، تعد الأكثر قوة بين اقتصادات الشرق الأوسط، نتيجة إدراكها المبكر لضرورة بناء اقتصاد يتسم بالفاعلية والكفاءة، وهو ما وصل إليه اقتصاد البلاد بخيرات وخبرات متراكمة.
أخذ كُثُر على المصرف المركزي قبل نحو ثلاث سنوات، توجهاته المتشددة لناحية الضغط على البنوك لتنظيف ديونها المشكوك في تحصيلها وزيادة مخصصاتها، بهدف بناء ميزانيات نظيفة تستند إلى قاعدة مالية صلبة، تؤهلها لمواجهة أي طارئ أو متغير في الأسواق، سواء محلياً أو عالمياً، وهو ما عملت عليه معظم البنوك.
ما يحدث الآن من طارئ كان المصرف المركزي يستعد له، وجاء بسبب خارجي نجم عن فيروس «كورونا» وتداعياته المعروفة، فيما «زاد الطين بلة» حروب الأسعار والتخفيضات بين الدول المنتجة للنفط التي وجدت نفسها فجأة، منكشفة على تقلص الطلب العالمي، وعاجزة عن مواجهة الأمر باتفاق سلس بين دول أوبك وخارجها من المنتجين الكبار، فانهارت الأسعار.
نحن الآن أمام حالة استثنائية لا أحد يعرف إلى أين ستأخذ العالم، مع تفاقم انتشار فيروس «كورونا»، ولا أحد أيضاً يعرف بدرجة أقل أين ستأخذنا حروب أسعار النفط وتمسك الأطراف المتنازعة برأيها، لكن ما نعرفه أن العالم في مأزق واقتصاداته كذلك.
ما نعرفه أيضاً، ونحن متأكدون منه، أن الحالة الاستثنائية التي نمر بها مؤقتة، لا تستدعي الذعر، وإنما التعامل معها بحكمة، وهو نداء موجّه إلى شركات القطاع الخاص بالأساس، وإلى المؤسسات الحكومية بشكل عام.
المصرف المركزي طلب مؤخراً من البنوك مساعدة الشركات المتأثرة مباشرة بتداعيات «كورونا» على جدولة تسهيلاتها ودفعاتها، وهو أمر جيد يحسب للمركزي؛ كون ما يحدث حالة مؤقتة، لكن طلبه أرفق بعبارة أن إجراء كهذا هو على مسؤولية البنك نفسه.
«المركزي» ومعه المؤسسات المالية الأخرى معنية أيضاً بتوفير حلول للبنوك المرتبطة بالحسابات المتضررة من «كورونا»، وتلك المنكشفة على تمويل الأسهم المحلية التي تعرضت لانخفاضات حادة في الأيام الماضية، حيث أصبح «المارجن كول» واقعاً تواجهه البنوك عند الأسعار الحالية.
التفكير في إنشاء صندوق متخصص لدعم مثل هذه الشركات على غرار دول عدة في العالم، وتوفير المزيد من الأموال بأسعار مناسبة لا يُعد ترفاً ولا تدخلاً في الأسواق، بل هو ضرورة تتيحها المتغيرات المتسارعة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"