أيها الكتاب . . هل نقول لك وداعاً؟

كلمات
06:20 صباحا
قراءة 3 دقائق

ها هو ستيف جويز، الرجل الذي يقف وراء سلسلة ابتكارات أبل، يكشف لنا مرة أخرى عن فكرة جديدة . فقد أعلن مؤخراً عن ولادة جهاز آي باد الجديد وهو يجمع كماً هائلاً من التكنولوجيا، ويعتبر من أحدث منتجات أبل، وهو حاسوب لوحيّ بشاشة تعمل باللمس، مضغوط في جهاز بحجم الحاسوب الدفتري وسماكته .

وكوني متحمسة للتكنولوجيا، فقد أثارت هذه القطعة البلاستيكية حماستي، ذلك أن جويز عندما يتصدّى في أيّ وقت للكشف عن منتج جديد، فهو نبأ عظيم . فعلى سبيل المثال، تمكن جويز في النهاية من تغيير طريقة إصغائنا إلى الموسيقا شئنا ذلك أم أبينا .

لقد كان الإعلان عن المنتج الجديد مؤثراً، وقد كشف عن مواصفات رائعة لجهاز آي باد، ولكن، أوحدي من شعر بشيء من القلق مع الإعلان عن تطبيقات هذا الجهاز أم أن هناك من أحس مثلي بذلك؟

الكتاب الإلكتروني، أو الكتاب الرقمي، أو لنقل كتاب المستقبل، يتكون من كلمات رقمية مضغوطة ومخفضة إلى وحدات ذاكرة رقمية . فالتكنولوجيا الجديدة تسمح لنا بنقل آلاف الكتب في جهاز واحد . وليست هذه التكنولوجيا جديدة إلى حد ما، بمعنى أن قارئ الكتاب الإلكتروني ظهر منذ قرابة عامين ولكنه لم يحظ بشعبية كبيرة إلى أن أدخل موقع أمازون، قارئه الإلكتروني كندل المتصل بالشبكة العنكبوتية، الذي يتيح لك دخول هذا الموقع الضخم لبيع الكتب عن طريق الإنترنت وتحميل أي كتاب نرغب في الاطلاع عليه في ثوان معدودات . وقد سار جويز على خطى أمازون فابتكر نسخته الخاصة، وطوّعها بقوّة في الآي باد ونثر عليها من سحر آبل (وقد بدأ الإحساس بهذا السحر مع التشويق المدهش وتقنيات الإعلان الرائعة) .

هذا كل شيء وهو شيء جيد، فقد سمعنا جميعاً عن قائمة المزايا التي يتمتع بها الجهاز . فهي تبدأ بعامل المساحة وتنتهي بإنقاذ الكوكب، لكنني ما زلت أشعر بالقلق، فماذا سيكون مصير الكتاب؟ فهل نعطيه اسماً جديداً؟ الكتاب الأصلي أو الكتاب الورقي ربما؟ إذا فعل جويز هذا بالكتاب، ما فعله بالأقراص المدمجة، فلا بد أن هناك ما يبرر قلقي .

أحياناً تجعلنا التكنولوجيا نعتقد أننا لا نستطيع العيش من دون الميزات التي تقدمها، فنحن في حاجة ماسة إليها . وتشير بيانات أمازون إلى أن إقبال الناس على شراء الكتب زاد بعد امتلاكهم جهاز قارئ الكتب الإلكتروني كندل، ولكن هل هذا يعني بالضرورة أنهم باتوا يقرؤون أكثر؟

صحيح أنه يمكننا تحميل عشرات الآلاف من الكتب في جهاز واحد، ولكن إذا كنا نستطيع الاستماع إلى مئات الأغاني في ساعة واحدة، فإنه لا يمكننا حتماً عمل الشيء نفسه مع القراءة . فما الداعي إذاً إلى تحميل كل هذه الكتب؟ الجهاز يملك الكفاءة نعم، لكنه لا يمكن أن يحل مكان مكتبة؟ إنه أمر من الصعب تخيله .

إن تخيل نفسي وأنا مستلقية أقرأ في كتاب، صورة لا يمكن أن تحضر في ذهني مطوّقة مع جهاز كندل أو آي باد . وعلى الرغم من أن سماع صوت تقليب الصفحات هو أحد الخيارات على جهاز القارئ، فإنه يبقى مجرد تقليد . وماذا عن رائحة الورق التي تفوح وأنت تشعر بملمس نسيج الورق الذي يقلّب مع توقّع الوصول إلى النهاية؟ أنا متأكدة من أن جويز سوف يفكر قريباً في إجابة تسكنني . ومع ذلك يظل الواقع أننا بالطريقة التي نقرأ بها، سوف يتغير فعل القراءة إلى الأبد! أنا من هواة جمع الكتب النادرة ولكن في المستقبل القريب سوف أصبح من هواة جمع الكتب كلها، لأنها ستصبح جميعها نادرة في يوم من الأيام . وكما سيساعد كل من كندل أو آي باد على إنقاذ هذا الكوكب، فإن شراء الكتب المستعملة سيؤدي إلى الغرض نفسه، ولا عيب في ذلك .

نعم يفزعني العيش في عالم بلا ورق . فأنا، لا يتملكني خوف الناشر الذي تسكنه هموم الربح وحقوق النشر . لكنه خوف القارئ الذي عاش عمره يحتضن الكتاب بين يديه ويعجز عن أن يقول له وداعاً .

aysha_t@gulftoday .ae

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​رئيس تحرير صحيفة Gulf Today الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"