إرهاب الصحراء الإفريقية

04:51 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

تلقى جيش جمهورية مالي أعنف ضربة إرهابية أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين من جنوده، وهي جريمة نكراء بكل المقاييس، لاسيما بعد أن أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي تبنيه العملية مع قنص جندي فرنسي بعبوة بدائية الصنع، ما يطرح مجدداً التحدي الإرهابي الكبير الذي تواجهه منطقة جنوب الصحراء الإفريقية، خصوصاً في دولة مالي التي ما زالت منذ 2012 ساحة لمواجهة الجماعات المتطرفة.
هناك سياقات عديدة يمكن أن تتنزل فيها الضربة الإرهابية، منها أنها جاءت بعد تفاخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقتل زعيم التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي في سوريا أواخر الشهر الماضي. كما تأتي في ظل حديث عن فوضى متنامية تمتد إلى وسط إفريقيا، وهي منطقة رخوة وتفتقد إلى السيطرة الأمنية القوية. وما حدث في مالي يمثل جزءاً من هذه الفوضى أو مقدمة لها، وهو مؤشر على احتمال أن تكون مساحات متزايدة من غرب إفريقيا ملجأ جديداً للجماعات الإرهابية التي لحقت بها هزيمة واسعة في سوريا والعراق، وباتت محاصرة نسبياً في ليبيا. وبعد مصرع البغدادي، من المحتمل جداً أن تتصاعد العمليات الإجرامية المنسوبة إلى «داعش»، في محاولة منها للعودة إلى مسرح الاهتمام الدولي عبر منطقة غرب إفريقيا.
بعض الدول المجاورة لمالي، مثل بوركينا فاسو وبنين، باتت مهددة بالتمدد الإرهابي على أراضيها، بل إن عدداً من العوامل تجعل منها الوجهة النموذجية للإرهاب بسبب ما تتوفر فيها من مشاكل اجتماعية واقتصادية وانقسامات عرقية وشبكات للجريمة المنظمة، من اتجار بالبشر وتهريب للمخدرات والذهب واليورانيوم.
وهناك توقعات بأن تشكل هذه الفسيفساء من الإرهابيين والمجرمين كياناً متعدد الأطراف مستغلاً ضعف تلك الدول وسهولة الاندساس بين شعوبها لتجنيد العناصر وبناء قنوات التمويل والتوسع.
على الساحل الشمالي للبحر المتوسط، تراقب أوروبا بقلق بالغ ما يجري في منطقة الساحل والصحراء. وتتخوف من أن تكون الهدف الأكبر لأي كيان إرهابي ينشأ غير بعيد عن حدودها الأمنية والسياسية. لكنها تعرف أن الظروف الأمنية المتدهورة في تلك المنطقة تتطلب رداً سريعاً.
وقد سارعت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي إلى الإعلان عن أنها ستتوجه قريباً إلى مالي، وأكدت أن باريس مصممة على مواصلة معركة، لم تنته، ضد المجموعات الإرهابية في الساحل. وفي ظل تذبذب الموقف الأمريكي وغموضه، تحاول باريس أن تظل في قلب المواجهة، لأنها تستند إلى وجهة نظر مقنعة نسبياً مفادها أن القضاء على الإرهاب لا يقتصر على اغتيال قادته، وإنما يتطلب تصفية منظوماته الفكرية وقطع شرايين تمويله وتقويض أسباب بقائه وانتشاره.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"