اسرائيل ..ستظل عدواً تاريخياً للعرب

02:36 صباحا
قراءة 3 دقائق
إلياس سحّاب
منذ منتصف القرن العشرين، كان للأمة العربية نوعان من الأعداء التاريخيي التخلف والتجزئة من جهة، و«إسرائيل» والحركة الصهيونية من جهة ثانية.
ويمكن القول إن كل هذه الأعداء، على اختلاف تصنيفاتها، قد تجسدت في القضية الفلسطينية.
لكننا في السنوات الأخيرة، ومع احتدام التدهور في أوضاع كل عدد من الدول العربية ، إلى درجة أن بعضها  بات مهددا  بالتقسيم، فإننا بدأنا نشعر بظهور بوادر عربية (رسمية وشعبية أحياناً)، تكاد تخرج «إسرائيل» والحركة الصهيونية من دائرة الأعداء التاريخيين للأمة العربية، مع أن الأوضاع في فلسطين تشير إلى العكس من ذلك، حيث المزيد من ميل المجتمع «الإسرائيلي» نحو العنصرية والتطرف، واقتراب الحركة الصهيونية من تحقيق كل مطامعها من حربي 1948 و1967، ببسط كامل نفوذها على كامل التراب الفلسطيني، دون ظهور أي بوادر عملية لقرب إيجاد حل تاريخي عادل لحرب 1948، ولا حتى لحرب 1967.
في مثل هذه الأجواء، يظهر على إحدى الفضائيات الممثل المصري الشهير لطفي لبيب، بمناسبة الاحتفال باستعادة سيناء، ليروي ذكرياته عن المشاركة العملية في القتال في حرب العبور في العام 1973.
وبعد رواية شديدة الحرارة الوطنية والعاطفة الإنسانية الجياشة ضد العدو «الإسرائيلي»، يختم الممثل مقابلته بخلاصة أن الأوضاع قد تغيرت في الآونة الأخيرة «بتغير العدو».
قبله بأشهر، ظهر معلق سياسي مصري على إحدى الفضائيات، يدعو الدولة المصرية إلى أن ليس أمامها للنجاح في مكافحة حركات الإرهاب في سيناء، إلا التحالف المباشر والعلني مع «إسرائيل»، وأن هذه الدعوة هي المنطق بعينه، لأن مصالح الطرفين مشتركة، في مسألة مكافحة الإرهاب في سيناء.
فإذا أضفنا إلى مثل هذه الظواهر التي كثرت مثيلاتها، في الفترة الأخيرة، مثل الأجواء التي تعيشها عمليات بعض الجماعات المسلحة التي تقاتل وتقتل في سوريا والعراق («داعش»، وجبهة النصرة بالذات) من خلال علاقاتها مع «إسرائيل»، على حدود الجولان السوري، فإننا نشعر بأن هذه الظاهرة قد بدأت تتحول إلى خطر حقيقي مفزع لم يسبق له مثيل، في أصعب الظروف العربية الماضية.
إن إلغاء العداء العربي التاريخي ل «إسرائيل» لا يمكن أن يتم إلا بمحو آثار الجريمة التي وقعت في العام 1948، وشردت شعب فلسطين (إلا القليل منه) من أرض الوطن إلى الشتات العربي والعالمي، وأقامت على أرض فلسطين المغتصبة كياناً سياسياً دخيلاً في قلب الأمة العربية، يشكل تهديداً دائماً لها في حربها ضد التخلف والتجزئة، ومن أجل التقدم.
لقد تمخضت الاجتماعات الرسمية العربية في إطار جامعة الدول العربية.
في العام 2002، عن مبادرة عربية، هي في أحسن أحوالها، ولو كتب لها أن تطبق، مجرد علاج خارجي لما وقع في حرب 1967، واستسلام كامل لكل نتائج وآثار جريمة العام 1948.
لكن حتى هذا الحل الناقص، والمشوه، لم تظهر منذ ثلاثة عشر عاماًَ أي علامة تشير إلى اقترابه من حيز التنفيذ، بإسقاط العداء التاريخي ل «إسرائيل»، بمجرد قيام دويلة فلسطينية، على ما تبقى من أرض فلسطين، التي لم يتبق منها منذ احتلال 1967، وحركة الاستيطان العنصرية الناشطة، إلا ما يقارب العشرين في المئة من أرض فلسطين التاريخية.
إن أي إحباط شعبي بدأ ينتشر مؤخراً، بفعل التراجعات العربية في كل من سوريا والعراق واليمن مؤخراً، لا تبرر إبداء بداية وجود ظواهر استسلام عربي رسمي وشعبي للمشروع الصهيوني الاستعماري في فلسطين، الذي حمل اسم «إسرائيل».
لقد بلغ الخطر المحدق حداً، بات يتطلب حدوث نهضة شعبية عربية تغير هذا المزاج الاستسلامي، وتفرض على الأنظمة الرسمية استعادة تصنيف دولة «إسرئيل» وأخطارها، كعدو تاريخي للعرب، إلى جانب التجزئة والتخلف.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"