الأعمال ما بعد «كورونا»

02:28 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

لابد لنا من الاعتراف والتعاطي مع واقع جديد، فُرِض علينا بسبب «كورونا»؛ وهو أن ما كان عليه العالم قبل المرض، ليس كما هو بعده، سواء قضينا على هذا الفيروس خلال أيّام أو أسابيع أو أشهر.
بتضافر الجميع؛ سنقضي على الفيروس، وبعمل العلماء والباحثين والمختبرات في أنحاء العالم لإيجاد لقاح؛ ستكون الضربة القاضية على هذا المرض الذي أربك البشرية، وحصد آلاف الأرواح، وأفقد الاقتصادات العالمية تريليونات الدولارات في الدفاتر، وعلى أرض الواقع.
الفيروس الذي تضرر منه العالم أجمع، غيّر المفاهيم لدى البشر، وخلق واقعاً جديداً في الأعمال والخدمات، فالواقع الافتراضي أصبح واقعاً حقيقياً، لتسيير الأعمال ولم يعد من الخيال ولا رفاهية.
تسيير الأعمال واحتياجات البشر، وخلق قيمة مضافة في الشركات والاقتصاد، وتحقيق الثروات للمستثمرين و«لقمة العيش» للأفراد والأسر وتوفير النفقات، يمكن تحقيقها كلها الآن بالعمل عن بُعد. «كورونا» سيحدث تغييراً أكثر من التغيير الذي قدمته الثورة الرقمية بمراحلها كافة.
مئات الوظائف ستختفي، بعد «كورونا»، وعشرات ملايين البشر سيفقدون تلك الوظائف، التي لم تعد تحتاج إليها الأعمال للمضي قدماً في تقديم خدماتها وأنشطتها، والمساحات الشاسعة من المكاتب، ستبقى مهجورة، وستتقلص إلى أدنى مستوى؛ لأن مستخدميها بإمكانهم إنجاز العمل وبجودة من منازلهم.
على الجميع التأقلم مع الشكل الجديد للأعمال، وبغض النظر عن تطورات «كورونا»، فما دامت الخدمات الحكومية فاعلة للتعامل عن بُعد، وقادرة على تلبية الاحتياجات بكفاءة، فإن قطاع الأعمال الخاص، مطالب ومعني هو الآخر بمجاراتها في خدماتها، ومن لا يستطع أو يتأخر، فإن تنافسيته ستضعف، ليخرج بعد ذلك من دائرة الأعمال.
ماذا عنا في الإمارات؟ كل ما تقدم ينطبق عليها أكثر من غيرها؛ نظراً لتقدمها في مجالات عدة؛ حيث كانت الحكومة سبّاقة في هذا المجال، ونجحت في تقديم سلسلة من الخدمات التقنية المتطورة، كما أظهر القطاع الخاص المنفتح أساساً على العالم قدرته على مواكبة هذه الخدمات، والتفوق عليها في بعض القطاعات.
العمل عن بُعد ليس سيئاً، ولا هو رفاهية، وهو لا يعني الاسترخاء؛ بل الإنتاج، والمؤسسات ستكون قادرة بعد فترة على تقييم إنتاجية كل فرد، ومن لا يستطع المواكبة، سيجري بالطبع التخلي عنه؛ لأن الوظيفة هي عمل وإنتاج، وبدونهما ستكون عملاً خيرياً في غير محله.
في جائحة «كورونا» علينا جميعاً أن نكون مسؤولين، كل في عمله، وكل في مركزه ومهمته، فالمحافظة على تنافسية الوزارات أو الدوائر أو الشركات الخاصة؛ ستكون أولوية، تجاه عملنا وتجاه اقتصادنا، وتجاه إماراتنا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"