الإرهابيات

02:41 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبد الخالق

الإرهاب ليس خطيئة يقترفها الرجال فقط، النساء أيضاً يقترفن الآثام ويرتكبن الأخطاء والجرائم وأسوأها الإرهاب.
في بعض الأحيان لا تزرع الأيدي الناعمة الحب، ولا تصنع السعادة، ولا تكون عنواناً للرقة والجمال، بل تتورط في إنتاج الشر، ونشر الدمار، وإزهاق أرواح الأبرياء، وإطلاق ينابيع الآلام والأحزان.
وكما أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، فهو لا يرتبط بجنس، الرجال والنساء كلاهما يتورط في الشر. إنها الطبيعة الإنسانية التي لا توزع تناقضاتها ونقائصها على جنس دون آخر. الأرقام الرسمية تنطق بهذه الحقيقة، ومن ضمن ما تقوله إن للمرأة دوراً لا يمكن تجاهله في العمل الإرهابي، سواء التفجيرات أو التجنيد أو التحريض أو جمع الأموال.
واحدة من الدراسات التي أكدت ذلك أجراها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ونشرها في تقرير الشهر الماضي، بعنوان: «النساء والإرهاب: أهداف خفية وشركاء منسيون».
وبطبيعة الحال، فإن المقصود بالشريك المنسي هو المرأة التي لا يلتفت كثيرون إلى دورها في الإرهاب، بنفس القدر الذي لا يلتفتون إلى أهمية مساهمتها في مكافحته.
فيما يتعلق بنشاطها الإرهابي، يكشف التقرير عن أن عدد المتورطات في العمليات يتزايد سنوياً، وأنه خلال 2017 تم تسجيل مئة هجوم انتحاري رئيسي نفذته 181 سيدة، بنسبة 11% من الهجمات المشابهة خلال العام.
وفي 2016، شكلت النساء 18 % من عدد المقبوض عليهم في تهم تتعلق بالإرهاب، وتاريخياً شاركت المرأة في 60% من الجماعات التي تلجأ للعنف في العالم خلال العقود الماضية.
وقد شاركت في أعتى المنظمات الإرهابية مثل «بادر ماينهوف» الألمانية و«الجيش الأحمر» الياباني، وحتى «كوكلوكس كلان» العنصرية الأمريكية: حيث لعبت دوراً ضخماً في التجنيد أسفر عن ضم نحو نصف مليون عضو.
وتمثل المرأة 40% من «القوات المسلحة الثورية» في كولومبيا، وهي شريك أساسي في جرائم جماعة «بوكو حرام» النيجيرية التي قتلت حوالي 1200 شخص ما بين 2014 إلى 2018، وتشارك في نحو ثلثي التفجيرات الانتحارية للجماعة، وتوضح الأرقام أيضا أن 20% من المجندين الغربيين في «داعش» من النساء.
وإضافة إلى تزايد عدد الهجمات التي تشنها النساء، هناك زيادة أيضاً في قوتها وعدد ضحاياها، وعلى سبيل المثال، فإن أكثر التفجيرات دموية في نيجيريا العام الماضي، شنتها ثلاث سيدات راح ضحيته 20 قتيلاً.
ونفس الأمر تكرر في إندونيسيا، ووفقاً لدراسة أجريت على خمس جماعات إرهابية، فإن الهجمات النسائية تحصد في المتوسط 8,4 ضحية مقابل 5,3 ضحية لهجمات الرجال، كما أن احتمال الفشل في حالة هجمات النساء تكون أقل.
ويكشف التقرير كذلك، عن حقيقة صادمة وهي أن الكثير من عضوات الجماعات الإرهابية، تنضم إليها في البداية قسراً؛ حيث يتم اختطافهن أو احتجازهن في مناطق إقامتهن، ثم إجبارهن على ممارسة الرذيلة وخدمة الأعضاء وبعدها دفعهن لتنفيذ العمليات.
وفي مقابل المنضمات عنوة للإرهابيين، هناك فئة أخرى تنضم لأسباب شائعة، مثل دوافع انضمام الرجال، كالشعور بالظلم أو لأسباب سياسية وفكرية، وأحياناً تكون الرغبة في الحصول على المال أحد الدوافع.
وفي نيجيريا هناك سبب آخر هو رغبة الفتيات في استكمال التعليم؛ حيث لا يتاح سوى لنحو 4% فقط منهن إتمام الدراسة الثانوية.
وبجانب التورط في العنف تلعب المرأة دوراً مهماً في دعم العمل الإرهابي من خلال التجنيد، وبفضل التكنولوجيا الحديثة أمكن تحقيق نتائج خطيرة. ويتحدث التقرير عن دراسة أجريت على موقع إلكتروني خاص ب«داعش»، وجدت أن المشتغلات بالتجنيد لديهن شبكة علاقات وروابط أوسع من الرجال وأكثر فاعلية، وقد كشفت هذه الحقيقة عن قدرة المرأة أيضاً على الإقناع.
المهمة الأخرى الأساسية للإرهابيات هي جمع التبرعات، وقد اعتقلت السلطات الأمريكية في 2014 شبكتين من النساء بهذه التهمة.
أخيراً إذا كان هذا ما تفعله بعض النساء دعماً وتنفيذاً للنشاط الإرهابي، ففي المقابل تقع على عاتقهن مسؤولية كبيرة في دحره والقضاء عليه، وهن يقمن بدور خطير بالفعل على هذا الصعيد. تلك قصة أخرى ترويها فصول التقرير وسنعود إليها لاحقاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"