الاقتصاد العراقي أمام استحقاقات كبيرة

23:37 مساء
قراءة 3 دقائق
هل يتمكن العراقيون من تطوير أوضاعهم الاقتصادية خلال هذا العام بعدما أكدت التقارير تحسن الأوضاع الأمنية؟ وهل ستساعد عملية المصالحة السياسية العتيدة من تعزيز فرص الاستثمار وانتعاش المؤسسات في مختلف القطاعات الاقتصادية؟بداية لا بد من الإقرار بأن الاقتصاد العراقي يظل مرهوناً بتطورات اوضاع القطاع النفطي الذي تشكل ايراداته أهم مصدر، وربما التوحد في الوقت الراهن، للدخل الوطني.. وبموجب المعلومات المتوافرة فإن انتاج النفط بلغ حالياً 2،5 مليون برميل يومياً، بما يعني، وحسب الاسعار السائدة للنفط، ما يعادل 70 مليار دولار أمريكي سنوياً من الإيرادات الناتجة من مبيعات النفط.ولا شك إن هناك ضرورة للسيطرة على عمليات الانتاج والحد من التهريب والسرقات من النفط الخام والمكرر والذي ابدعت فيه عصابات ومليشيات في مختلف مناطق العراق بعد تحريره من النظام السابق. وبطبيعة الحال فإن العراق وبعد خراب اقتصادي نتج عن ادارة سياسية عقيمة على مدى سنوات وعقود طويلة يحتاج الى مبالغ مهمة حتى يمكن إعادة الحياة الاقتصادية إلى أوضاع طبيعية تساعد على خلق فرص الاعمال ثم فرص العمل للملايين من العراقيين المنكوبين ومن ثم تحسين ظروف المعيشة والارتقاء بنوعية الحياة. وكما هو معلوم ان العراق ما زال مدينا بمئات المليارات من الدولارات على شكل قروض تم استنفاذها خلال الحرب العراقية الايرانية أو تعويضات بموجب قرارات الأمم المتحدة بعد غزو الكويت في العام 1990.وبذل المجتمع الدولي جهوداً لإقناع الدول الدائنة بتخفيض الديون القديمة والتي تزيد على 120 مليار دولار، مع فوائدها المتراكمة، واقتنعت دول نادي باريس بتخفيض تلك القروض ووافقت دول على تخفيض جاوز نسبة الثمانين في المائة. أما ما يتعلق بالتعويضات تم إقرارها بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي وخفضت من 30 في المائة إلى 25 في المائة ثم الى خمسة في المائة من الإيرادات النفطية العراقية السنوية. ويطالب العراقيون، الآن، بخفضها إلى واحد في المائة.ويتطلب الأمر معالجة من قبل مجلس الأمن الدولي على ضوء معطيات قد تراها مناسبة الجهات المختصة في الامم المتحدة ويزعم المسؤولون العراقيون ان التخفيض اصبح مستحقاً لكي تواجه الحكومة التزاماتها من دون صعوبات ولكي تتوافر لديها الاموال اللازمة لمواجهة متطلبات التنمية والإنفاق الجاري وفي ظل الاوضاع السياسية والأمنية الراهنة في العراق فإن هناك نفقات كبيرة على متطلبات الأمن، ناهيك عن الاموال التي تصرف على مشاريع إعادة بناء المرافق الاساسية ثم الكهرباء وتمديدات المياه وشبكة الهاتف ولوازم البنية التحتية ومتطلبات التعليم والخدمات الصحية. وتدهورت تلك الخدمات والمرافق الى درجة قياسية مما يعني اهمية العناية بالمنشآت وتمكينها من توفير احتياجات المواطنين.المسألة لا تحتاج إلى تمويل فقط بل، أيضاً، إلى ادارة متمكنة تستطيع ان تسيطر على التكاليف وتوفر النزاهة في تعاملها بما يضمن حماية الاموال العامة ولا شك ان هناك ملاحظات على الادارة التي تسلمت السلطات في مختلف المؤسسات الحكومية بعد سقوط النظام السابق ولا تزال هناك تحفظات بشأن الادارة الحاكمة نتيجة للهدر في الاموال.وغني عن البيان ان الاقتصاد العراقي الذي تشكل بعد الانقلاب العسكري في العام 1958 وأطاح بالنظام الملكي قد اعتمد على دور مركزي للدولة وهمش الى درجة كبيرة من دور القطاع الخاص وجعل المواطنين يعتمدون على ما يحصلون عليه من مداخيل من الدولة عبر آليات الإنفاق العام.ولذلك فإن العراقيين وحكومتهم مطالبون بأن يعملوا على إعادة هيكلة الاقتصاد وإفساح المجال امام القطاع الخاص لتوظيف الاموال في مختلف المؤسسات بعد انجاز مشروع تخصيص شامل، وهناك العديد من المنشآت المملوكة من قبل الدولة في قطاع الصناعات التحويلية والبنوك والخدمات التي لا بد من إفساح المجال امام القطاع الخاص لتملكها، لكن كيف يمكن تحفيز القطاع الخاص العراقي أو المستثمرين غير العراقيين، من عرب واجانب، للاستثمار في مختلف الانشطة في العراق دون توفير الحوافز القانونية وتحقيق الأمن والاستقرار؟ هذه تحديات مهمة أمام الساعين للنهوض بالاقتصاد العراقي، ولذلك يجب ان يسعى البرلمان العراقي بالعمل من أجل إجازة قوانين اساسية تساعد على تدفق الاموال. هناك قانون النفط الذي تم بحثه واعتماده من قبل لجان برلمانية يمكن ان يدفع الشركات النفطية لتوظيف الأموال في قطاع النفط الحيوي. لكن يجب التوافق بين الحكومة المركزية والأقاليم، خصوصاً اقليم كردستان، لكي يتم التعامل بصورة مناسبة ولحماية الحقوق الوطنية في الثروة النفطية.ومهما كانت القوانين والانظمة مواتية للاستثمار فإن أهم عناصر تنشيط الاقتصاد العراقي تظل مرهونة بتطور الحياة السياسية والاوضاع الأمنية في مختلف مناطق البلاد يضاف الى ذلك أن الأموال التي وعدت الدول المانحة دفعها للعراق تظل، أيضا، مجمدة حتى يتم إنجاز تحولات مهمة في الواقعين السياسي والأمني. لكن هناك مؤشرات بأن امكانات التطور الاقتصادي في العراق هذا العام ستكون واعدة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"