الجيل الخامس للثورة الرابعة

02:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي *

إن العالم الآن في غمرة انتقال تاريخي تقوده التكنولوجيا، حيث تتسارع خطى المجتمع العالمي لتأمين الاستفادة القصوى من تقنية الجيل الخامس للاتصالات وهي عبارة عن تحقيق سرعة نقل بيانات بمقدار 20 جيجا بايت في الثانية الواحدة، أي بسرعة تماثل 20 ضعفاً سرعة نقل البيانات بالجيل الرابع من الاتصالات المتحركة ؛ وتستعد شركات كبرى للتسويق التجاري لشبكات الجيل الخامس بعد أن تمكنت شركات مثل «هواوي» و«إنتل» و«كوالكوم»، من تطوير رقائق بمعايير متوافقة مع تقنيات الجيل الخامس، كما أن بعض الشركات الصينية كشفت عن هواتف ذكية مجهزة بشرائح متوافقة مع الجيل الخامس من الاتصالات. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تستعد شركة «إيه تي آند تي» الأمريكية للتسويق التجاري من خلال استعمال تقنية «هوت سبوت» المتحركة، بينما تقوم الصين باستثمار مبالغ ضخمة لتطوير خدمات الجيل الخامس بهدف التمكن من تشغيل تلك الخدمات في أولمبياد بكين الشتوية في عام 2022. وأيضاً تتأهب اليابان لبدء خدمات مماثلة عند قيامها باستضافة الدورة الأولمبية الصيفية في 2020. وهذا التطور يرتبط بالثورة الصناعية الرابعة التي عرفها المنتدى الاقتصادي العالمي بأنها دمج بين ما هو فيزيائي طبيعي، ورقمي، وبيولوجي. هذا يعني أن تقنية المعلومات والاتصالات بما في ذلك تقنية الذكاء الصناعي سوف تندمج مع تقنيات جديدة لتنتشر وتعم فائدتها كل الصناعات الأخرى.
ولكن من أجل الاستفادة القصوى والتطبيق الناجح للثورة الصناعية الرابعة، لا بد من وجود وسائل عملية للربط بين عناصرها ومكوناتها، وهو ما سيتم فعلياً عبر شبكات الجيل الخامس من الاتصالات فائقة السرعة، التي تسمح بنقل كميات ضخمة من المعلومات في الوقت الحقيقي. وسيؤدي تطبيق خدمات الجيل الخامس من الاتصالات إلى توفير في مصادر الطاقة وتكلفة العديد من الخدمات، إلى جانب زيادة هائلة في حجم الإنتاج الزراعي، وإمكانية التقاط صور شديدة الدقة. وإلى جانب هذا، يستخدم الجيل الخامس تقنية تُعرف ب «عَرْض النِطاق»، يمكن من خلالها التعامل مع عدد من الأجهزة والبيانات في اللحظة نفسها، مما يعنى أن فوائد الجيل الخامس لن تخدم أجهزة الهواتف الذكية فقط وإنما ستشمل كل ما يوفره «إنترنت الأشياء» مثل السيارات ذاتية القيادة والمدن الذكية. والمثال على ذلك، إذا قمنا بإطلاق إشارة توقف لسيارة تجري بسرعة 150 كيلومتراً في الساعة حسب النظم السائدة حالياً بموجب خدمات الجيل الرابع، فإن تلك السيارة لن تتوقف إلا بعد عبور مسافة متر واحد. لكن تلك السيارة ستتوقف بموجب معايير الجيل الخامس الجديد بعد عبور 8 سنتيمترات فقط وغيرها من المزايا.
ويُقدّر أن تبلغ القيمة الاقتصادية والاجتماعية التي سوف تتحقق من خلال تطبيق تقنية الجيل الخامس من الاتصالات بحوالي 42 مليار دولار حتى عام 2030. كما كشفت تقارير عن أن شركة «سامسونج» الكورية وشركة «إن إي سي» اليابانية قد اتفقتا على التعاون في تطوير المحطات الخاصة بالجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية وبيع المنشآت والأجهزة اللاسلكية ذات الصلة.
وبموجب هذا الاتفاق، ستكون شركة «سامسونج» مسؤولة عن تطوير التقنيات والمواد الخاصة بالترددات العالية المستخدمة في محطات الجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية، بينما ستتحمل شركة «إن إي سي» مسؤولية تطوير التقنيات والمواد الخاصة بالترددات المنخفضة.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا النوع من التعاون بين الشركتين الكورية واليابانية إلى حدوث تأثيرات تآزر كبيرة ومهمة، حيث من المتوقع أن يسهم في الإسراع في وتيرة تطوير التقنيات من خلال تركيز الشركتين على قدراتها الخاصة، إلى جانب بيع المنتجات التي ستقوم الشركتان بتطويرها تحت نظام البيع المشترك. والجيل الخامس من أنظمة الاتصالات اللاسلكية، جاء كتطوير للجيل الرابع ويستخدم الترددات العالية جداً البالغة 28 جيجاهيرز، حيث يعتبر تقنية أساسية للثورة الصناعية الرابعة. وقد بدأت خدمة الجيل الخامس من أنظمة الاتصالات اللاسلكية في مناطق محدودة من الولايات المتحدة، وستبدأ اليابان في توفير هذه الخدمة على مراحل اعتباراً من العام القادم، ومن المتوقع أن تنتشر في أرجاء مختلفة من العالم بعد عام 2020. ومن المتوقع أيضاً أن يصل حجم السوق العالمية لمحطات الجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية إلى 37.2 مليار دولار.

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"