الدم الفلسطيني والانتخابات «الإسرائيلية»

03:33 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

الجرائم التي يرتكبها الاحتلال «الإسرائيلي» والمستوطنون اليهود، وآخرها جريمة قتل مواطن فلسطيني وجرح العشرات من أبناء قرية المغيّر يوم 26 من الشهر الجاري، وهي القرية التي تعرضت لعمليات تقطيع أشجار الزيتون، وما سبقها من جرائم كثيرة بحق البشر والشجر، في الضفة الغربية، وضد مسيرات العودة السلمية في غزة، كلها جرائم تؤكد المؤكد، وهو أن الاحتلال «الإسرائيلي»، ليس معنياً بأي بحث عن السلام، وأنه ليس إلا مشروع تدمير وقتل وعدوان ليس ضد الشعب الفلسطيني وحده، وإنما ضد شعوب المنطقة كلها.
لكن المؤسف والغريب في الأمر، أن هذه الجرائم التي تتصاعد بين حين وآخر، لا يمكن فصلها عن الدعاية الانتخابية ل«الكنيست الإسرائيلي» المزمع عقدها في 9 أبريل/نيسان القادم، مثلما لا يمكن فصلها عن مجمل السياسة «الإسرائيلية»، في مختلف الساحات، كالاعتداءات على سوريا، حيث اعتادت الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» على استخدام الدم العربي، في سوق الانتخابات «الإسرائيلية»، ومحاولات كسب أصوات الناخبين الصهاينة من خلال التشدد والتطرف، الذي يتسع معسكره ولا سيما في السنوات الأخيرة، وذلك بتشجيع مباشر من الإدارة الأمريكية، التي تجاوزت هي الأخرى كل القوانين والأعراف الدولية، باعترافها يوم 6 ديسمبر/كانون الأول 2017 بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، وتعمل على تصفية منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «الأونروا»، من خلال قطع المساهمة الأمريكية المالية في ميزانيتها؛ تمهيداً لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهي أمور من شأنها أن تدفع بمعسكر التطرف «الإسرائيلي» إلى الأمام، ولا سيما مع سعيها الدؤوب لتنفيذ ما يسمى ب«صفقة القرن»، على حساب الشعب الفلسطيني.
ومن يتابع ما يجري الآن في «إسرائيل» من سجالات سياسية، تسبق الانتخابات في معظم الأحيان، وما يظهر من أنباء عن تورط رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بفضائح فساد، يلاحظ كيف أن قادة الاحتلال، يحاولون دائماً تصدير أزماتهم الداخلية، من خلال التصعيد العدواني الخطير، لضرب عصفورين بحجر، فمن جهة يضغط التصعيد العدواني على «الإسرائيليين»، ويدفعهم لاستشعار الخطر، والتوحد، ومن جهة أخرى يقدم أوراقاً انتخابية تعتبر رابحة بالنسبة للمتطرفين «الإسرائيليين»، خاصة وأن الانتخابات القادمة، ستجري كما هو واضح بين اليمين، واليمين الأكثر تطرفاً، مع تراجع قوة ما يسمى اليسار «الإسرائيلي»، وتحديداً حزب العمل بالنسبة للتأثير في المشهد السياسي.
ومن يراقب تصريحات قادة الأحزاب «الإسرائيلية»، ودعاياتهم الانتخابية فإنه سيجد أن جميع قادة هذه الأحزاب، يزايدون في سوق الانتخابات، حول كيفية قهر الشعب الفلسطيني، والاستمرار في سياسات الاحتلال البغيضة، وفي مقدمتها التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكما هو معروف فقد عمل نتنياهو وحزبه و«معسكره القومي» في العقد الأخير على تعميق وتوسيع انزياح المجتمع «الإسرائيلي» إلى اليمين واليمين المتطرف في قيمه ومواقفه السياسية. بكل ما أوتي من قوة، وقام بتسخير كل مناحي السياسة «الإسرائيلية»، بما ينسجم ويتطابق مع الفرضيات الأساسية لإيديولوجيا اليمين المتطرف، وهو ما تجلى بوضوح في تصعيد السياسة العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة، وسن القوانين العنصرية والتوسعية والمعادية للديمقراطية وللمساواة، والتي تخدم أهداف اليمين المتطرف وأجندته، وفي مقدمتها القوانين التي تؤيد الاستيطان وتشرعن البؤر الاستيطانية غير القانونية وفق القانون «الإسرائيلي» نفسه.
كما دأبت القيادة اليمينية في «إسرائيل» على استخدام الدم الفلسطيني، دائماً في حملاتها الدعائية الانتخابية، ولا سيما في ظل موقف دولي مائع، وعجز عربي واضح، في لجم هذه السياسة «الإسرائيلية» العدوانية.
أخيراً نقول: إن ما تشهده الأراضي الفلسطينية من جرائم، مرشح للازدياد والاتساع، كلما اقتربت الانتخابات «الإسرائيلية»، أو تزايدت الأزمات السياسية الداخلية في «إسرائيل» وهو ما يستدعي أولاً وقبل كل شيء موقفاً فلسطينياً موحداً، وعربياً فاعلاً، في التعامل مع هذه الاعتداءات شبه اليومية، وإلا فسوف يبقى الدم الفلسطيني والعربي، ورقة في مزادات الانتخابات «الإسرائيلية»، التي يبدو أنها ستأتي بالأكثر تطرفاً، من بين اليمين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"