الشراكة الاقتصادية بين اليابان والاتحاد الأوروبي

01:04 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. عبد العظيم محمود حنفي *

في الأول من فبراير الحالي دخلت اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين اليابان والاتحاد الأوروبي، والمعروفة اختصاراً باسم EPA حيز التنفيذ، وكان الطرفان قد صادقا على الاتفافية في ديسمبر/‏كانون الأول الماضي، ويأتي هذا في وقت تشدد فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مبدأ «أمريكا أولاً» التي تهدد بفرض تعريفات جمركية عالية حتى على حلفائها مثل اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي ؛ واتخاذها سياسات حمائية في التجارة، بالاضافة الى تزايد المخاوف بشأن الاستثمارات الأجنبية الضخمة للصين التي تتسبب فى الديون التى تتراكم على بعض الحكومات، فبسبب عدم قدرتها على تسديد الأموال التى اقترضتها يمكن لتلك البلدان أن تقع فى فخ الديون وليس أمامها من خيار سوى قبول النفوذ السياسى للصين. وفي محاولة للاستجابة لتلك الأجواء الدولية المتغيرة، تعلق اليابان والاتحاد الأوروبي أهمية كبيرة على اتفاقيات الشراكة الاقتصادية بينهما. وفي المضمون يشدد كل من اليابان وأوروبا على اشتراكهما في القيم العالمية، وعلى أهمية تعزيز «النظام الاقتصادي» القائم على قواعد حرة ونزيهة وسيادة القانون.

إن إنفاذ تلك الاتفاقية يبعث برسالة قوية إلى الولايات المتحدة لتشجيعها على البقاء ضمن نظام التجارة الحرة المتعدد الجنسيات ويعد الإبقاء على الولايات المتحدة ضمن إطار العمل هذا أمراً رئيسياً ليس فقط لتقييد إعطاء معاملة تفضيلية مفرطة للقطاعات المحلية من قبل الصين وغيرها، بل وسيساعد أيضاً في إصلاح منظمة التجارة العالمية والتى تعتبر هيئة الرقابة لقواعد التجارة العالمية.

والواقع أن اليابان بعد أنسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ لتحرير التجارة TPP»، وضعت اليابان على مفترق طرق لما يجب أن تفعله تجاه استراتيجيتها التجارية. ويمثل الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي خطوة جديدة بالنسبة للاستراتيجية التجارية اليابانية. ويأمل اليابانيون أن يساعد ذلك في تعزيز الحوار الاقتصادي الياباني الأمريكي، ثم النجاح في التوصل إلى اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ لتحرير التجارة والتى تضم اليابان و10 دول أخرى وأصبحت سارية المفعول الشهر الماضي، وكلتاهما ستعود بالنفع على الأسر في أرجاء اليابان. بالإضافة إلى ذلك، تجري طوكيو الآن محادثات مع 15 دولة من منطقة آسيا المحيط الهادئ حول اتقافية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة أو RCEP.

إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين اليابان والاتحاد الأوروبى لها ثلاث أهميات كبيرة من منظور اليابان، الأولى هي أن اليابان سيكون لها سبيل أوسع نحو سوق الاتحاد الأوروبي بتعدد سكانه الذي يصل إلى 500 مليون نسمة وبمجموع إجمالي الناتج المحلي لدول الاتحاد الذي يصل إلى 16 ترليون دولار، ويشكل مجموع إجمالي الناتج المحلي الياباني والاتحاد الأ وروبي 30 % تقريباً من مجموع إجمالي الناتج المحلي لدول العالم. وإيجاد مثل هذا التكتل الاقتصادي الضخم سيساعد أيضاً في تعزيز الاقتصاد الياباني، حيث سيقود الاتفاق في نهاية الأمر إلى إلغاء التعريفات الجمركية المفروضة على أكثر من 90 % من الواردات من كلا الجانبين، بالإضافة إلى تحرير اللوائح التي يجري تطبيقها على طيف واسع من المجالات حيث ستنخفض أسعار المنتجات المستوردة من الاتحاد الأوروبي إلى اليابان بعد سريان مفعول اتفاقية الشراكة الاقصادية بين الجانبين، كما سيتم إلغاء التعريفات الجمركية عن الملابس، أما الأهمية الثانية فهي أن إطار العمل هذا سيدعم توجهات وضع قواعد عالمية للتجارة، على سبيل المثال، ستقوم اليابان والاتحاد الأوروبي بوضع معايير مشتركة للسيارات والمنتجات الكيميائية، أو وضع ضوابط وقواعد في مجالات جديدة. ومثل هذه المعايير والقواعد يمكن الدفع بها على مستويات دولية، والأهمية الثالثة تخطط اليابان لعرض نتائج الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، خلال قمة مجموعة العشرين التى ستعقد للمرة الأولى في اليابان في شهر يونيو/‏حزيران القادم، فاتفاقية الشراكة الاقتصادية بين اليابان والاتحاد الأوروبي تعتبر حصناً منيعاً لمواجهة الإجراءات الحمائية.

* كاتب وباحث أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"